للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وهم المهاجرون والأنصار والتابعون بإحسان وقال قتادة بلغنا ان النبي صلى الله عليه واله وسلم كان إذا قرأ هذه الاية قال هذه لكم وقد اعطى القوم بين ايديكم مثلها ومن قوم موسى امة يهدون بالحق وبه يعدلون وقال الكلبي هم من جميع الخلق وعلى كلا التقديرين ذكر الله تعالى فى هذه الاية بعد ما بيّن انه خلق للنار طائفة ظالمين ملحدين عن الحق انه خلق للجنة امة هاذين عادلين فى الأمر والاستدلال بهذه الاية على صحة اجماع كل عصر ضعيف إذ لا دلالة فيها على ان فى كل فرقة طائفة بهذه الصفة فلا مساس لهذه الاية بقوله صلى الله عليه واله وسلم لا يزال من أمتي امة قائمة بامر الله لا يضرهم من خذلهم ولا من خالفهم حتّى يأتي امر الله وهم على ذلك متفق عليه من حديث معاوية بن ابى سفيان والمغيرة بن شعبة.

وَالَّذِينَ كَذَّبُوا بِآياتِنا يعنى كفار مكة سَنَسْتَدْرِجُهُمْ يعنى سنقربهم الى الهلاك قليلا قليلا واصل الاستدراج الاستصعاد او الاستنزال درجة بعد درجة مِنْ حَيْثُ لا يَعْلَمُونَ قال عطاء سنمكر بهم من حيث لا يعلمون وقال الكلبي تزين لهم أعمالهم فنهلكهم وقال الضحاك كلما جددوا معصية جددنا لهم نعمة وقال سفيان الثوري نسبغ عليهم النعمة وننسيهم الشكر.

وَأُمْلِي لَهُمْ عطف على سنستدرجهم يعنى امهلهم وأطيل لهم مدة عمرهم وازين أعمالهم السوء وامهلها ليتمادوا فى المعاصي المفضية الى الهلاك إِنَّ كَيْدِي مَتِينٌ اى أخذي شديد وانما سماه كيدا لان ظاهره احسان وباطنه خذلان قال ابن عباس ان مكرى شديد قيل نزلت فى المستهزئين فقتلهم الله فى ليلة واحدة والله اعلم اخرج ابن جرير وابن ابى حاتم وابو الشيخ عن قتادة قال ذكر لنا ان النبي صلى الله عليه واله وسلم قام على الصفا ليلا فجعل يدعو قريشا فخذا فخذا يا بنى فلان يا بنى فلان يحذرهم بأس الله ووقائعه فقال قائلهم ان صاحبكم هذا لمجنون بات يصوت الى الصباح فانزل الله تعالى.

أَوَلَمْ يَتَفَكَّرُوا سكته ما بِصاحِبِهِمْ محمد صلى الله عليه واله وسلم مِنْ جِنَّةٍ اى جنون إِنْ هُوَ إِلَّا نَذِيرٌ مُبِينٌ موضح إنذاره بصوره جلى بحيث لا يخفى على أحد.

أَوَلَمْ يَنْظُرُوا نظر استدلال فِي مَلَكُوتِ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَما خَلَقَ اللَّهُ مِنْ شَيْءٍ يعنى ما يقع عليه اسم الشيء من الأجناس التي لا يحصى الدلالة على كمال قدرة صانعها ووحدته ليظهر لهم صحة ما يدعوهم اليه وَأَنْ عَسى أَنْ يَكُونَ قَدِ اقْتَرَبَ أَجَلُهُمْ عطف على ملكوت وان مصدرية او خفيفة عن الثقيلة واسمه ضمير الشان وكذا اسم يكون والمعنى او لم ينظروا فى اقتراب اجالهم وتوقع حلولها حتّى يسارعوا الى طلب الحق والتوجه الى ما ينجيهم قبل حلول اجالهم والاستفهام فى او لم يتفكروا واو لم ينظروا للانكار والتعجب والواو للعطف على محذوف تقديره الم يؤمنوا بالقران والنبي ورموه بالجنون ولم يتفكروا ولم ينظروا

<<  <  ج: ص:  >  >>