للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَبَثَّ اى نشر فِيها مِنْ كُلِّ دَابَّةٍ صغيرة لا يكاد يبصر وكبيرة لا يتصور تسخيرها الا بحول الله وقوته عطف على انزل او على أحيا فان الدواب ينمون من الخصب ويعيشون بالماء وَتَصْرِيفِ الرِّياحِ الى المشرق والمغرب والجنوب والشمال مفيدة ومضرة- لينة وعاصفة- حارة وباردة- اعلم ان الريح كلما وقع في القران المعرف باللام اختلف القراء في جمعها وافرادها الا في الذاريات الرّيح العقيم فانهم اتفقوا على الافراد- والا في الحرف الاول من سورة الروم الرّياح مبشّرت فانهم اجمعوا على جمعها- فقرا حمزة والكسائي تصريف الريح هنا وفي الكهف والجاثية والأعراف والنمل والثاني من الروم وفاطر بالإفراد وتابعهما ابن كثير في الاربعة الاخيرة- وقرا ابن كثير في الفرقان وحمزة في الحجر بالإفراد والباقون في جميعها بالجمع- وقرا نافع في ابراهيم والشورى بالجمع والباقون بالإفراد- وقرا ابو جعفر «١» كل ما ذكر على الجمع جميعا- وكل ريح في القران منكر فهو بالإفراد اجماعا والله اعلم وَالسَّحابِ الْمُسَخَّرِ بَيْنَ السَّماءِ وَالْأَرْضِ لا ينزل ولا ينقشع مع ان الطبع يقتضى أحدهما حتى يأتى امر الله وايضا هو مسخر فى الجو يقلبه الله حيث يشاء قال ابن وهب ثلثة لا يدرى من اين يجىء الرعد والبرق والسحاب لَآياتٍ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ (١٦٤) يتفكرون فيها وينظرون الى انها امور حادثة ممكنة في ذواتها لا يقتضى ذواتها وجوداتها ولا شيئا من اثارها موجودة على وجوه مخصوصة من وجوه كثيرة كلها محتملة فلا محالة من وجود صانع يقتضى ذاته وجوده حى عليم حكيم يفعل ما يشاء ويحكم ما يريد متصف بصفاة الكمال منزه عن النقص والزوال متعال عن مماثل ومعارض إذ لو كان معه اله يقدر على ما يقدر عليه لزم اما اجتماع المؤثرين على اثر واحد بالشخص وهو محال او عجز أحدهما او التمانع الموجب للفساد- وينظرون الى ما في تلك المخلوقات من اثار رحمة الله تعالى فيعرفون انه تعالى هو المستحق للعبادة والشكر دون غيره- اخرج ابن ابى الدنيا في كتاب التفكر عن عائشة ان النبي صلى الله عليه وسلم قال إِنَّ فِي خَلْقِ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلافِ اللَّيْلِ وَالنَّهارِ لَآياتٍ لِأُولِي الْأَلْبابِ ثم

قال ويل لمن قرا ولم يتفكر فيها- وقيل للاوزاعى فما غاية التفكر فيهن قال يقرا وهو يعقلهن- والله اعلم.

وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَتَّخِذُ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَنْداداً أصناما او رؤساءهم الذين كانوا يطيعونهم او ما هو أعم منهما يعنى كل ما كان مشغلا عن الله تعالى مانعا عن امتثال او امره يُحِبُّونَهُمْ يعظمونهم ويطيعونهم كَحُبِّ اللَّهِ كتعظيمهم لله اى يسوون بينه وبينهم في المحبة والطاعة والمحبة


(١) وقرا ابو جعفر ايضا بالجمع في الاسراء والأنبياء وسبا وص وعنه خلاف في الحج- ابو محمد

<<  <  ج: ص:  >  >>