للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقالت الصوفية العلية ان معنى الاية واذكر ربّك إذا نسيت ما عداه- قالوا ذكر الله سبحانه دائما لا يتصوما لم يحصل لقلبه نسيان عما سواه لان قلب الإنسان يشغله شأن عن شأن وما جعل الله لرجل من قلبين في جوفه- فالذكر الدائم الّذي لا يقع فيه فتور لا يتصور ما لم يحصل لقلبه نسيان دائمى عما سواه وهذه الحالة يعبّر عندهم بفناء القلب واما الذكر الّذي يعقبه غفلة فلا يعتدون به- والقلب يذكر تارة ويغفل عنه ويذكر غيره اخرى لا يسمى عندهم موحدا- وهذا التأويل انسب بمنطوق الكتاب وأوفق للعربية وابعد من التجوز لان قوله إذا نسيت ظرف لا ذكر والظرفية الحقيقية ان يكون الذكر في وقت النسيان- ولا شك ان وقت الذكر مغائر لوقت النسيان على سائر التأويلات السابقة

- فلا يكون الظرفية على تلك التأويلات الا مجازا والحمل على الحقيقة اولى- وَقُلْ عَسى أَنْ يَهْدِيَنِ قرأ نافع وابو عمرو بالياء وصلا فقط وابن كثير بالياء في الحالين والباقون يحذفوها فيهما أي يهدنى رَبِّي لِأَقْرَبَ مِنْ هذا المنسى رَشَداً (٢٤) اى خيرا وصلاحا عطف على اذكر- يعنى إذا نسيت الاستثناء او شيئا مما أمرك الله بإتيانه فاذكر الله بالتسبيح والاستغفار واستعنه وقل عسى ان يهدين ربّى لشيء اخر أفضل من هذا المنسى واقرب منه رشدا- او ذلك الندم والتوبة والاستغفار مع القضاء وقيل ان القوم لمّا سالوه عن قصة اصحاب الكهف على وجه العناد امره الله عزّ وجلّ ان يخبرهم بان الله سيؤتيه من الحجج على صحة نبوته ما هو ادلّ من قصة اصحاب الكهف- وقد فعل حيث أتاه علم غيب المرسلين وعلم ما كان وما يكون ما هو أوضح في الحجة واقرب الى الرشد من خبر اصحاب الكهف- وقال بعضهم هذا شيء امر الله رسوله ان يقوله مع قوله ان شاء الله لا اترك الاستثناء ابدا إذا ذكر الاستثناء بعد النسيان- يعنى إذا ترك الإنسان ان شاء الله ناسيا ثم ذكره فتوبته من ذلك ان يقول عسى ان يهدين ربّى لاقرب من هذا رشدا- وعلى تأويل الصوفية فمعنى الاية واذكر ربّك إذا نسيت غيره وقل عسى ان يهدين ربّى اى يوصلنى لشيء هو اقرب من هذا الذكر رشدا وهو ذات الله سبحانه الّذي هو اقرب من حبل الوريد.

وَلَبِثُوا فِي كَهْفِهِمْ يعنى لبثوا اصحاب الكهف احياء مضروبا على آذانهم- وهذا بيان من الله تعالى لما أجمله من قبل حيث قال فضربنا على آذانهم في الكهف سنين عددا- وقيل هذا خبر عن اهل الكتاب انهم قالوا ذلك- ولو كان خبرا من الله تعالى عن قدر لبثهم لم يكن لقوله قل الله اعلم بما لبثوا وجه وهذا قول قتادة- و

<<  <  ج: ص:  >  >>