للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقال مقاتل قال يوم ولد انّى عبد الله أقرّ على نفسه بالعبودية لله عزّ وجلّ أول ما تكلم لئلا يتخذه النّاس الها آتانِيَ قرأ حمزة بإسكان الياء والباقون بفتحها الْكِتابَ قال الحسن الهم التورية وهو في بطن امه- وقال الأكثرون أوتي الإنجيل وهو صغير طفل وكان يعقل عقل الرجال وقيل معناه سيؤتينى الكتب اى الإنجيل وكذا قوله وَجَعَلَنِي نَبِيًّا (٣٠) يعنى سيجعلنى نبيا والتعبير بلفظ الماضي بجعل المحقق وقوعه كالواقع- وقيل هذا اخبار عما كتب له في اللوح المحفوظ كما قيل للنبى صلى الله عليه وسلم متى كنت نبيّا- قال كنت نبيّا وآدم بين الروح والجسد- رواه ابن سعد وابو نعيم في الحلية عن ميسرة الفجر بن سعد عن ابى الجدعاء والطبراني عن ابن عباس-.

وَجَعَلَنِي مُبارَكاً البركة اما بمعنى ثبات الخير وقراره ماخوذ من برك البعير- واما بمعنى الزيادة في العطاء يقال اللهم بارك في عطائك- او بمعنى العظمة والكرم يقال هذا من بركة فلان- قيل معناه هاهنا اى نفّاعا وقال مجاهد معلما للخير وقال عطاء ادعوا الى الله والى توحيده وعبادته وقيل مباركا على من تبعني أَيْنَ ما كُنْتُ حيث كنت وفي الأرض او في السماء وحيث توجّهت- ويستفاد منه انه نفاع في السماء يستفيد منه الملائكة وَأَوْصانِي أمرني بِالصَّلاةِ وَالزَّكاةِ اى تطهير المال بأداء ما وجب فيه وتطهير النفس عن الرذائل- قال البغوي فان قيل لم يكن بعيسى مال فكيف يؤمر بالزكاة قيل معناه أمرني بالزكاة لو كان لى مال وقيل باستكثار الخير وقيل معناه أوصاني بان أمركم بالصلوة والزكوة ما دُمْتُ حَيًّا (٣١) ظرف للصلوة والزكوة يعنى أوصاني بان أصلي وازكى مدة حياتى.

وَبَرًّا اى بارّا بِوالِدَتِي عطف على مباركا او منصوب بفعل دل عليه أوصاني اى وكلفنى برا وبرّا حينئذ مصدر وَلَمْ يَجْعَلْنِي جَبَّاراً اى عاتيا منكبرا شَقِيًّا (٣٢) عاصيا بربه قيل الشقي الّذي يذنب ولا يتوب.

وَالسَّلامُ اى السلامة عَلَيَّ جملة فعليه في الأصل ولذلك عطف على فعلية سابقة جعلت اسمية للدلالة على الاستمرار يَوْمَ وُلِدْتُ من طعن الشيطان وَيَوْمَ أَمُوتُ من عذاب القبر وَيَوْمَ أُبْعَثُ حَيًّا (٣٢) من الأهوال وعذاب النار او التحية من الله عند كل تغير الأحوال- واللام للعهف او للجنس وفيه تعريض باللعن على أعدائه فانه لما جعل جنس السلام على نفسه وعلى من هو في معناه بالايمان- عرض بان ضداه على من يضاده كقوله تعالى والسّلام على

<<  <  ج: ص:  >  >>