للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لمحذوف او منصوب على المدح- قرأ الكوفيون مهدا هاهنا وفي الزخرف ولم يختلفوا في الّذي في سورة النبأ وهو مصدر سمى به- والباقون مهادا وهو اسم ما يمهد كالفراش او جمع مهد يعنى جعلها كالمهد لكم وَسَلَكَ لَكُمْ فِيها سُبُلًا السلوك النفاذ في الطريق قال الله تعالى لتسلكوا منها سبلا فجاجا- ويجيء لازما ومتعديا- وفي القاموس سلك المكان سلوكا وسلكه غيره فالاول لازم والمكان ظرف والثاني متعد واستعمل في الاية متعديا وجعل السبل مفعولا به مجازا وهو ظرف كما أسند الجري الى النهر مجازا في جرى النهر- فمعنى حصل لكم فيها سبلا بين الجبال والاودية والبراري تسلكونها اى تلك السبل من ارض الى ارض لتبلغوا منافعها وهذا معنى قول ابن عباس سهل لكم فيها طرقا وقال البغوي السلك إدخال الشيء في الشيء والمعنى ادخل في الأرض لاجلكم طرقا تسلكونها ومنه قوله تعالى ما سلككم في سقراى ما أدخلكم فيها وَأَنْزَلَ مِنَ السَّماءِ ماءً مطرا فَأَخْرَجْنا بِهِ بذلك الماء قيل تم كلام موسى عليه السّلام عند قوله وانزل من السّماء ماء ثم اخبر الله عن نفسه تتميما لما وصفه به موسى خطابا لاهل مكة والظاهر انه من كلام موسى عليه السلام حكاية من الله تعالى تقديره انزل من السّماء ماء وقال منّة عليكم أخرجنا به إلخ يعنى لتشكروه- او هو كلام موسى والمعنى اخرج أبناء جنسنا من الآدميين أَزْواجاً يعنى أعناقا سميت بذلك لازدواجها واقتراب بعضها ببعض مِنْ نَباتٍ بيان وصفة لازواج وكذلك شَتَّى (٥٣) صفة لازواج ويحتمل ان يكون صفة للنبات فانه من حيث انه في الأصل مصدر يستوى فيه الواحد والجمع- وهى جمع شتيت كمريض ومرضى من شتّ الأمر إذا تفرق- اى متفرقا في الصور والأغراض والمنافع يصلح بعضها للناس وبعضها للبهائم ولذلك قال.

كُلُوا وَارْعَوْا رعى جاء لازما ومتعديا يقول العرب رعيت القوم فرعت- والمعنى هاهنا اسيموا أَنْعامَكُمْ ترعى الأمر للاباحة وتذكر النعمة- والجملة حال من ضمير فاخرجنا على ارادة القول اى أخرجنا أصنافا قائلين كلوا وادعوا يعنى معدنيهما لانتفاعكم بالأكل والعلف أذنين فيه إِنَّ فِي ذلِكَ المذكور من جعل الأرض مهدا وإنزال الماء من السماء وإخراج النبات من الأرض للانتفاع لَآياتٍ دالة على وجود الخالق ووجوبه واحاطة علمه وقدرته وتكوينه واتصافه بالكمالات وتنزهه عن المناقص لِأُولِي النُّهى (٥٤) اى لذوى العقول جمع نهية سميت بها لكونها ناهية صاحبها عن القبائح والمضرات.

مِنْها اى من الأرض خَلَقْناكُمْ يعنى خلقنا من تراب الأرض أباكم آدم ومواد أبدانكم

<<  <  ج: ص:  >  >>