للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فالخطاء والنسيان إن كان مرفوعا عن الإنسان لا يواخذ بهما في الاخرة بالنار لكن الخواص من الناس لعلو درجتهم مؤاخذون بهما وبما هو ترك الاولى والأفضل لا بالنار في الاخرة بل بالغين على القلوب في الدنيا والهجران من المعاملات قال رسول الله صلى الله عليه وسلم انه ليغان على قلبى وانى لاستغفر الله في اليوم مائدة مرة- رواه مسلم واحمد وابو داود والنسائي من حديث الأعز المزلّى- قال صاحب المدارك الأنبياء ماخوذون بالنسيان الّذي لو تكلفوا حفظوا (فائده) ومن هاهنا قال بعض العلماء يجوز صدور الصغيرة من الأنبياء قبل النبوة-.

ثُمَّ «١» اجْتَباهُ رَبُّهُ اى اصطفاه وقربه بالحمل على التوبة واصل الكلمة للجمع يقال جبى الخراج جباية والاجتباء افتعال منه فمعناه الاقتراب ويلزمه الاصطفاء فَتابَ عَلَيْهِ اى رجع عليه بالرحمة والعفو وَهَدى (١٢٢) اى هداه الى التوبة حق قال ربّنا ظلمنا أنفسنا الاية- والى مراتب القرب.

قالَ الله جملة مستأنفة اهْبِطا مِنْها اى من الجنة خطاب لادم وحوا ولما كان هبوطهما مستلزم لهبوط ذريتهما «٢» فهو خطاب لذريتهما تبعا ولذلك أكد بقوله جَمِيعاً وأورد ضمير الجمع في قوله بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ اى لبعضكم عَدُوٌّ عداوة دنيوية ودينية فَإِمَّا ما زائدة للتأكيد أدغمت فيه «٣» نون ان الشرطية يَأْتِيَنَّكُمْ مِنِّي هُدىً اى كتاب ورسول فَمَنِ اتَّبَعَ هُدايَ فَلا يَضِلُّ وَلا يَشْقى (١٢٣) قال البغوي روى عن سعيد بن جبير عن ابن عباس قال من قرأ القران واتبع ما فيه هداه الله في الدنيا من الضلالة ووقاه يوم القيمة سوء الحساب- وذلك بان الله يقول فمن اتَّبَعَ هُدايَ فَلا يَضِلُّ وَلا يَشْقى وقال الشعبي عن ابن عباس أجار الله تابع القران من ان يضل في الدنيا ويشقى في الاخرة وقرأ هذه الاية.

وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي يعنى عن الهدى الذاكر لى والداعي الى عبادتى- فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكاً اى ضيقا مصدر وصف به للمبالغة ولذلك يستوى فيه المذكر والمؤنث- قال البغوي عن ابن مسعود وابى هريرة وابى سعيد الخدري انهم قالوا هو عذاب القبر- واخرج البن ربسند جيد عن ابى هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم


(١) كلمة ثم تدل على ان الاجتباء بالنبوة كان بعد ذلك مصدور المعصية بالنسيان كان قبل النبي لا ١٢ منه ع.
(٢) وفي الأصل ذريته- ١٢ ابو محمد.
(٣) وفي الأصل في نون ان الشرطية ١٢- ابو محمد.

<<  <  ج: ص:  >  >>