للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ويقولون أعطنا فانزل الله تعالى.

قالَتِ الْأَعْرابُ آمَنَّا ط الاية قال السدى نزلت فى الاعراب الذي ذكرهم الله فى سورة الفتح وهم اعراب جهينة ومزينة واسلم وأشجع وغفار كانوا يقولون أمنا ليامنوا على أنفسهم وأموالهم فلما استنفر لهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الى الحديبية تخلفوا فنزلت قالت الاعراب أمنا يعنى صدقنا قُلْ يا محمد صلى الله عليه وسلم لَمْ تُؤْمِنُوا فان الايمان صفة القلب عبارة عن تصديقه والإقرار ركن زائد عن الاختيار لاجراء الاحكام قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الايمان ان تؤمن بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الاخر وتؤمن بالقدر خيره وشره كذا فى الصحيحين من حديث عمر ابن الخطاب مرفوعا فى حديث سوال جبرئيل- وَلكِنْ قُولُوا أَسْلَمْنا والمراد بالإسلام الانقياد الظاهري وكان مقتضى نظم الكلام ان يقال لا تقولوا أمنا ولكن قولوا اسلمنا او يقال لم تؤمنوا ولكن أسلمتم فعدل عنه الى هذا النظم احترازا عن النهى عن القول بالايمان وعن الجزم بإسلامهم مع فقد لشرط اعتباره عند الله تعالى- وَلَمَّا يَدْخُلِ الْإِيمانُ فِي قُلُوبِكُمْ ط حال من فاعل قولوا او معطوف على لم تؤمنوا للتاكيد على نفى الايمان فى الماضي والتوقع فى المستقبل وليس فى لم تؤمنوا التوقع فلا يلزم التكرار وَإِنْ تُطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ لا يَلِتْكُمْ مِنْ أَعْمالِكُمْ شَيْئاً إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ.

إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ فى الايمان بالقلوب مخلصين والامتثال كما يدل على قوله تعالى ثُمَّ لَمْ يَرْتابُوا اى لم يشكوا فيما جاء به الرسول - صلى الله عليه وسلم - وكلمة ثم للاشعار باشتراط عدم الارتباط فى شىء من الازمنة المتراخية الى اخر اجزاء الحيوة كاشتراط فى بداية الايمان فهى كقوله تعالى ثم استقاموا وَجاهَدُوا بِأَمْوالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ ط اى فى طاعة يجوز ان يكون مفعول جاهدوا محذوفا منويا يعنى جاهدوا العدو المحارب او الشيطان او الهوى وجاز ان يجعل لازما مبالغة فى الجهد وجاز ان يراد بالمجاهدة العبادات القلبية والسرية والبدنية والمالية فهذه الآية لامتثال جميع الأوامر والانتهاء عن جميع المناهي اما عبارة ان كان المراد مطلق المجاهدة واما دلالة ان كان المراد به القتال مع الكفار فان من بذل نفسه وماله لاصلاح العالم واخلائه من الفساد وإعلاء كلمة الله وافشاء الدين فانه يصلح او لا نفسه بإتيان المأمورات وانتهاء المناهي بالطريق الاولى أُولئِكَ الموصوفين بتلك الصفات هُمُ الصَّادِقُونَ فى ادعاء الايمان جملة مستانفة وجاز ان يكون الموصول مع صلته صفة للمبتدأ

<<  <  ج: ص:  >  >>