للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ممن عرفوا عدالته واعترفوا بها ومن كان كذلك لا يكون الا ناصحا لقومه خايفا عليهم ان ينالهم مكروه وإذا علم ان امرا مخافا أظلهم لزمه ان ينذرهم فكيف ما هو غاية المخاف وقد قال لهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا اجتمع اليه بطون قريش ارايتكم ان أخبرتكم ان خيلا يخرج بالوادي يريد ان يغير عليكم انكم مصدقى قالوا نعم ما جربنا عليك إلا صدقا قال فانى نذير لكم بين يدى عذاب شديد الحديث متفق عليه من حديث ابن عباس فَقالَ الْكافِرُونَ هذا شَيْءٌ عَجِيبٌ والفاء للتفسير فهو بيان لتعجبهم وهذا اشارة الى اختيار الله تعالى محمدا - صلى الله عليه وسلم - للرسالة وإضمار ذكرهم فى عجبوا او إظهاره هاهنا للتسجيل على كفرهم بذلك وجاز ان يكون الفاء للتعقيب وهذا اشارة الى البعث بعد الموت فهو عطف لتعجبهم مما انذروا به على عجبهم ببعث المنذر وللمبالغة فى انكار هذا التعجب وضع المظهر موضع المضمر فانهم مع علمهم بقدرة الله تعالى على خلق السموات والأرض وما بينهما أول مرة وإقرارهم بالنشأة الاول أنكروا النشأة الاخرى مع شهادة العقل بانه لا بد من الجزاء وجاز ان يكون عذا اشارة الى المبهم يفسره.

أَإِذا مِتْنا وَكُنَّا تُراباً ج الظرف متعلق بمحذوف دل عليه ما بعده تقديره أنرجع الى الحيوة إذا متنا وصرنا ترابا ذلِكَ الرجع رَجْعٌ بَعِيدٌ عن الوهم والعادة او الإمكان وانما أورد هذا اولا مبهما وثانيا مفسرا لانه ادخل فى الإنكار او الاول استبعاد لان يتفضل عليهم مثلهم والثاني استقصاء بقدرة الله تعالى عما هو أهون عليه مما يشاهدون من صنعه ثم رد الله تعالى انكارهم للبعث فقال.

قَدْ عَلِمْنا ما تَنْقُصُ الْأَرْضُ مِنْهُمْ ج يعنى ما يأكل الأرض من أجسادهم بعد الموت يعنى لا يغرب من علمنا شىء فلا يتعذر علينا جمع ما نقص منها وبعثهم بعد الموت ومن قال هذه الجملة جواب للقسم قالوا للام محذوف لطول الكلام- وَعِنْدَنا كِتابٌ حَفِيظٌ اى محفوظ من الشياطين ومن ان يندرس ويتغير وقيل معناه حافظ التفاصيل الأشياء يعلم به من عنده من الملائكة وهذه الجملة حال من فاعل علمنا ثم رد الله تعالى انكارهم نبوة النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال.

بَلْ كَذَّبُوا بِالْحَقِّ يعنى النبوة الثابتة بالمعجزات إضراب من الاضراب الاول فان التكذيب بالشيء الثابت بالادلة القطعية فوق من التعجب والاستبعاد لَمَّا جاءَهُمْ ظرف متعلق بكذبوا فَهُمْ فِي أَمْرٍ مَرِيجٍ الفاء للسببية المريج المضطرب الملتبس فان تكذيبهم سبب لاضطرابهم فى القول قال قتادة والحسن من ترك الحق مرج عليه امره والتبس عليه دينه وذكر الزجاج معنى اختلاط أمرهم انهم يقولون مرة شاعر ومرة ساحر ومرة معلم ومرة مجنون ومرة مفتر والأقوال متناقصة

<<  <  ج: ص:  >  >>