للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والهمزة للانكار والفاء للعطف والتعقيب على مضمون قوله تعالى أَفَلَمْ يَنْظُرُوا إِلَى السَّماءِ قوله تعالى كذبت قبلهم قوم نوح الى آخره معترضات والمستفاد انكار تعقب الخلق ما سبق ذكره والمعنى بنينا السماء بلا فروج ومددنا الأرض وألقينا فيها رواسى وأنزلنا من السماء ماء فانبتنا بها ما ذكر فلم نعى بخلقها أول مرة كما ترونه تعرفون به كيف نعى بالاعادة وليس أول الخلق باهون من إعادته والكفار مع اعترافهم بذلك وقيام الدليل لا يعترفون بالاعادة بَلْ هُمْ فِي لَبْسٍ اى خلط وشبهة والمراد به الشك واصل اللبس الستر وفى حالة الشك يختلط الحق بالباطل ويستر الحق مِنْ خَلْقٍ جَدِيدٍ اى معاد وقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال الله تعالى كذبنى ابن آدم ولم يكن له ذلك شتمنى ولم يكن له ذلك فاما تكذيبه إياي فقوله لن يعيدنى كما بدأنى وليس أول الخلق باهون له علىّ من إعادته واما شتمه إياي فقوله اتخذ الله ولدا وانا الله أحد الصمد الذي لم الد ولم اولد ولم يكن لى كفوا أحد رواه البخاري عن ابى هريرة وعن ابن عباس نحوه.

وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسانَ وَنَعْلَمُ ما تُوَسْوِسُ اى تحدث بِهِ نَفْسُهُ صلى الوسوسة الصوت الخفي والمراد ما يخطر بالبال وما فيما توسوس موصولة والباء فى به صلة يقال صوت بكذا والضمير عايد الى ما او مصدرية والباء للتعدية والضمير عائد الى الإنسان ونعلم خبر مبتداء محذوف والجملة الاسمية حال من فاعل خلقنا او مفعوله او كليهما وتقديره ونحن نعلم ما تحدث به نفسه به فان الله تعالى خلق الإنسان ووسوسة ولكل شىء عرض وجوهر والخلق بالاختيار والارادة مسبوق بالعلم ضرورة وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ اى الى الإنسان مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ الحبل العرق وإضافته الى الوريد من قبيل شجرة الأراك ويوم الجمعة للبيان والجملة حال ثان من فاعل خلقنا والوريد ان عرقان مكتنفان بصفحتى العنق متصلان بالوتين يرد ان من الراس اليه قيل سمى وريد ان لان الروح يرده واختلف اقوال العلماء فى تصوير هذه الا قربية فقال علماء الظاهر المراد قرب علمه منه قال البيضاوي معناه نحن اعلم بحاله ممن كان اقرب اليه من حبل الوريد ففيه تجوز لقرب الذات لقرب العلم لانه موجبه وحبل الوريد مثل يضرب لكمال القرب يقال الموت ادنى لى من الوريد قال البغوي معناه نحن اعلم به منه لان أبعاضه واجزائه يحجب بعضها بعضا ولا يحجب عن علم الله شىء وعلى هذا التأويل يلزم جواز ان يقال الطبيب اقرب الى المريض من حبل الوريد فان المريض لا يعلم بعض أحواله من الصحة والمرض ما يعلمه الطبيب ولو بالاستدلال لا سيما إذا كان شىء عديم العلم والعقل يعلم بعض أحواله وهو لا يعلم شيئا من احوال نفسه فيجوز ان يقال انا اقرب من السماء من نفسه فالاقتصار فى القول باقر بيته سبحانه

<<  <  ج: ص:  >  >>