للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الجاهل بحالهم اغنياء من التعفف فالمحسنين يعطونهم إذا يعرفونهم بسيماهم بفقد أحوالهم كذا قال قتادة والزهري وغيرهما وقال ابن عباس وسعيد بن المسيب المحروم الذي ليس له سهم من الغنيمة ولا يجرى عليه من الفيء شىء اخرج ابن جرير وابن ابى حاتم عن الحسن بن محمد بن الحنيفة ان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بعث سرية فاصابوا غنما فجاء قوم بعد ما فرغوا يعنى من القسمة فاعطاهم الغانمون منها فنزلت هذه الاية وقال زيد بن اسلم المحروم هو المصاب ثمره او زرعه او نسل ماشيته كذا قال محمد بن كعب القرظي وقرأ انا لمغرمون بل نحن محرومون.

وَفِي الْأَرْضِ آياتٌ لِلْمُوقِنِينَ قال اكثر المفسرين هذه الجملة وما عطف عليه متصل بقوله تعالى انكم لفى قول مختلف وما بينهما معترضات وعندى هى معطوفة على ما سبق فى تفسير المحسنين والثناء عليهم لكن فيه وضع المظهر موضع المضمر الراجع الى المحسنين إيذانا لتحصيل الإيقان بالاستدلال والتفكر فى الآيات تقديره وفى الأرض ايت لهم فانهم إذا ذكروا بايات ربهم لم يحبروا عليها صما وعميانا بل ينظرون بأبصارهم ويتفكرون فى خلق الأرض ودحوها كالبساط وارتفاع بعضها على الماء ليسكن عليها عباد الرحمن واختلاف اجزائها فى الكيفيات والمنافع وما خلق الله فيها من المعادن والنباتات والحيوانات والعيون والأنهار ويستدلون بها على وجود الصانع الواجب وعلمه وقدرته وإرادته ووحدته وفرط رحمته وحكمته ثم ينظرون ببصائرهم ما يترشح عليها وعلى ما فيها من الله تعالى وبركات وجودها وبقائها ورحمته ويسال من فيها ما يحتاج اليه كُلَّ يَوْمٍ هُوَ فِي شَأْنٍ فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ سَنَفْرُغُ لَكُمْ أَيُّهَ الثَّقَلانِ....

وَفِي أَنْفُسِكُمْ عطف على فى الأرض يعنى وفى أنفسكم ايها الناس آيات لهم فان فى العلم الصغير اعنى نفس الإنسان كاين من الآيات كما فى العالم الكبير من بدو خلقه الى مماته حيث كان نطفة ثم علقة ثم مضغة ثم عظاما ثم كسيت لحما فم نفخ فيه الروح ثم يسر الله سبيله الى الخروج ثم هدى الى سبيل معاشه رضيعا وفطاما واكتساب أقواته والتغذي بالأكل والشرب ودفع الفضول بالبول والغائط وسبيل ابقاء نوعه بالنكاح والى سبيل معاده بإرسال وإنزال الكتب واظهر فيه بدائع صنعه من اختلاف الالسنة والصور والألوان والطبائع والعقول والافهام واختلاف استعداداتهم فى قبول الحق وسلوك سبيل الرشاد وصعود مدارج القرب ومعارج العرفان فينظر العارف بعض هذه الأمور بالأبصار ويقول تبارك الله احسن الخالقين وبعضها بالبصائر وينظر بالبصائر ما يتجلى على السرائر من التجليات الذاتية والصفاتية والظلالية ولا يتطرق

<<  <  ج: ص:  >  >>