للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

دون النار فانها تحت الأرضين السبع كما نطقت به الأحاديث وعلى ما قلت من التأويل ان الخطاب مختص بالمحسنين يصح القول بان ما توعدون من الثواب والجنة كاين فى السماء وقيل وما توعدون كلام مستانف وما موصولة او مصدرية مبتداء خبره.

فَوَ رَبِّ السَّماءِ وَالْأَرْضِ إِنَّهُ لَحَقٌّ وعلى هذا فالضمير المنصوب لما وعلى الاول يحتمل له ولما ذكر سابقا من البعث والجزاء والرزق والوعد والوعيد مِثْلَ ما أَنَّكُمْ تَنْطِقُونَ قرأ ابو بكر وحمزة والكسائي مثل بالرفع على انه صفة لحق والباقون بالنصب على انه حال من المستكن فى لحق او وصف لمصدر محذوف يعنى انه لحق حقا مثل نطقكم وقيل انه مبنى على الفتح لاضافة الى غير متمكن وهو ما ان كانت بمعنى شىء وان مع جملتها ان كانت ما زائدة ومحله الرفع شبه الله سبحانه الرزق وغيره مما وعد واخبر به ينطق الإنسان قال البغوي ما انكم تنطقون فتقولون لا اله الا الله يعنى المراد بالنطق المنطوق والخطاب ان كان للمحسنين فمنطوقه غالبا لا اله الا الله وان كان الخطاب عاما فشبه تحقق ما اخبر عنه يتحقق نطق الآدمي كما يقال انه لحق كما أنت هاهنا وانه لحق كما أنت تتكلم والمعنى انه فى صدقه ووجوده كالذى تعرفه ضرورة وقال بعض الحكماء يعنى ان كل انسان ينطق بلسان نفسه ولا يمكنه ان يأكل رزق غيره حكى فى المدارك عن الأصمعي انه قال أقبلت من جامع البصرة فطلع علىّ أعرابي فقال ممن الرجل قلت من بنى اصمع قال من اين أقبلت أقلت من موضع يتلى فيه كلام الله الرحمن قال اتل علىّ فتلوت والذّاريات فلما بلغت قوله فى السماء رزقكم قال حسبك فقام الى ناقة فنحرها ووزعها على من اقبل وأدبر وعمد الى قوسه وسيفه فكسرهما وولى فلما حججت مع امر الرشيد طفقت أطوف فاذا انا بمن يستهنف بصوت رفيق فالتفت فاذا انا بالأعرابي فسلّم علىّ واستقرأ السورة فلما بلغت الاية صاح قال قد وجدنا ما وعدنا ربنا حقا ثم قال وهل غير هذا فقرأت فورب السماء والأرض انه لحق فصاح فقال سبحان الله من ذا الذي اغضب الجليل حتى حلف لم يصدقوه بقوله حتى إلجاؤه الى اليمين قالها ثلثا وخرجت معها نفسه يعنى مقتضى البلاغة ان يؤكد الكلام على حسب انكار المخاطب فالله سبحانه أورد الكلام بكمال المبالغة فى التأكيد حيث اقسم عليه وأكد بكلمة ان ولام التأكيد والاخبار بانه حق والتشبيه بما هو اجلى البديهيات وليس هذه الاشارة الى ان الناس كانهم فى غاية الإنكار فى تقدير الرزق الموعود كاد حين فى اكتساب ما التزم الله سبحانه على نفسه بقوله وَما مِنْ دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ إِلَّا عَلَى اللَّهِ رِزْقُها غافلين عما كلفهم الله به وعلق به الثواب والعقاب الأيدي

<<  <  ج: ص:  >  >>