للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بوالدته اركبنى فان ذلك أهون عليك- فقال الفتى ان أمي لم تأمرنى ولكن قالت خذ بعنقها- فقالت البقرة باله بنى إسرائيل لو ركبتنى ما كنت تقدر علىّ ابدا فانطلق فانك لو أمرت الجبل ان ينقلع من أصله وينطلق معك لفعل لبرك بامك- فسار الفتى الى امه فقالت له انك فقير لا مال لك وشق عليك الاحتطاب بالنهار والقيام بالليل فانطلق فبع هذه البقرة- قال بكم أبيعها- قالت- بثلاثة دنانير ولا تبع بغير مشورتى- وكانت ثمن البقرة ثلثة دنانير- فانطلق بها الى السوق فبعث الله ملكا ليرى خلقه قدرته وليختبر كيف بره بامه وكان به خبيرا فقال الملك- بكم تبيع هذه البقرة قال بثلاثة دنانير واشترط عليك رضا والدتي- فقال له الملك خذ ستة دنانير ولا تستأمر والدتك- فقال الفتى لو أعطيتني وزنها ذهبا لم أخذ الا برضا أمي فردها الى امه وأخبرها فقالت ارجع فبعها بستة دنانير على رضى منى- فانطلق بها الى السوق واتى الملك فقال استأمرت أمك- فقال الفتى انها أمرتني ان لا أنقصها من ستة على ان استأمرها- فقال الملك انى أعطيك اثنى عشر على ان لا تستأمرها- فابى الفتى ورجع الى امه وأخبرها بذلك- فقالت ان الذي يأتيك ملك يأتى في صورة آدمي ليختبرك فاذا اتى فقل له أتأمرنا ان نبيع هذه البقرة أم لا- ففعل- فقال له الملك اذهب الى أمك فقل لها أمسكي هذه البقرة فان موسى بن عمران عليه السلام يشتريها منكم لقتيل يقتل في بنى إسرائيل فلا تبيعوها الا بملا مسكها دنانير- فامسكوها وقدر الله تعالى على بنى إسرائيل ذبح تلك البقرة بعينها- فما زالوا يستوصفون حتى وصف لهم تلك مكافاة له على بره بوالدته فضلا منه ورحمة- فذلك قوله تعالى.

قالُوا ادْعُ لَنا رَبَّكَ يُبَيِّنْ لَنا ما هِيَ اى ما حالها- كان حقه ان يقول اى بقرة- او كيف هى لان السؤال بما يكون عن الجنس غالبا لكنهم لما راوا ظهور القتل بذبح اىّ فرد من جنس البقرة مستبعدا وزعموا انها بائنة عن سائر البقرات بونا بعيدا حتى يكون كانه جنس اخر أجروه مجرى ما لا يعرفون حقيقته- قالَ موسى إِنَّهُ اى الشأن يَقُولُ يعنى الله تعالى إِنَّها اى البقرة المأمور بها- فان قيل عود الضمر إليها تدل على ان المراد من أول الأمر كانت بقرة معينة ويلزمه تأخير البيان عن وقت الخطاب- قلت تأخير البيان عن وقت الخطاب جائز- وانما لا يجوز تأخيره عن وقت الحاجة- وايضا عود الضمير إليها لا يدل على ان المراد كان من أول الأمر ذلك- كيف والمطلقة تدل على الإطلاق ولا دليل هناك على التقييد ومن ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لو ذبحوا اىّ بقرة اجزتهم

<<  <  ج: ص:  >  >>