للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

من الظالم.

الَّذِينَ آمَنُوا يُقاتِلُونَ فِي سَبِيلِ موصل الى اللَّهِ يعنى طاعته وَالَّذِينَ كَفَرُوا يُقاتِلُونَ فِي سَبِيلِ الطَّاغُوتِ فى طاعة الشيطان وسبيل يلحقهم بالشيطان فى دركات جهنم فَقاتِلُوا ايّها المؤمنون أَوْلِياءَ الشَّيْطانِ اى جنوده وهم الكفار ثم شجعهم بقوله إِنَّ كَيْدَ اى مكر الشَّيْطانِ كانَ ضَعِيفاً (٧٦) فانه لا يقدر الّا على الوسوسة قال يوم بدر للكفار لا غالِبَ لَكُمُ الْيَوْمَ مِنَ النَّاسِ وَإِنِّي جارٌ لَكُمْ فلما راى الملائكة هرب وخذلهم ونكص على عقبيه وَقالَ إِنِّي بَرِيءٌ مِنْكُمْ إِنِّي أَرى ما لا تَرَوْنَ إِنِّي أَخافُ اللَّهَ وَاللَّهُ شَدِيدُ الْعِقابِ والله اعلم- اخرج النسائي والحاكم عن ابن عباس ان عبد الرحمن بن عوف وأصحابه أتوا النبي صلى الله عليه وسلم وهو بمكة قبل الهجرة فقالوا يا نبى الله كنا فى عزّ ونحن مشركون فلمّا أمنا صرنا اذلة فقال انى أمرت بالعفو فلا تقاتلوا القوم فلما حوله الله الى المدينة امره بالقتال فحينئذ جبن بعض الناس فكفوا أيديهم فانزل الله تعالى.

أَلَمْ تَرَ استفهام للتعجب ومناط التعجب تقاعد فريق منهم عن القتال وخشيتهم عن الناس عند الأمر بالقتال بعد تصديهم كلهم للقتال عند الأمر بالكف والتصدي يفهم من الأمر بالكف لان الكف انما يتحقق فيما يتصدى له المكفوف إِلَى الَّذِينَ قِيلَ لَهُمْ قال البغوي عن الكلبي ان المراد بهم عبد الرحمن بن عوف الزهري والمقداد بن الأسود الكندي وقدامة بن مطعون الجحمي وسعد بن ابى وقاص وجماعة كانوا يلقون من المشركين بمكة أذى كثيرا قبل ان يهاجروا ويقولون يا رسول الله ائذن لنا فى قتالهم فانهم قد آذونا فيقول رسول الله صلى الله عليه وسلم كُفُّوا أَيْدِيَكُمْ عن القتال فانى لم اومر بقتالهم وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَآتُوا الزَّكاةَ واشتغلوا بما أمرتم به وفيه تنبيه على ان الجهاد مع النفس لاصلاح قلبه ونفسه مقدم على الجهاد مع الكفار فان الاوّل لاصلاح نفسه وهو أهم من الثاني الذي هو الإصلاح «١» لغيره واخلاء العالم الكبير عن الفساد ولذلك جعل الله تعالى الاول من الفروض على الأعيان والثاني من الفروض على الكفاية فَلَمَّا هاجروا الى المدينة وكُتِبَ فرض عَلَيْهِمُ الْقِتالُ مع المشركين شق ذلك على بعضهم وجبنوا كما يقول الله تعالى إِذا للمفاجاة جواب لمّا فَرِيقٌ مبتدأ مِنْهُمْ صفة يَخْشَوْنَ النَّاسَ خبره كَخَشْيَةِ اللَّهِ اضافة


(١) في الأصل لإصلاح لغيره.

<<  <  ج: ص:  >  >>