للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يكون بشارة للكفار فان قيل الظلم قبيح وان كان فى حق الكفار والله سبحانه منزه عن القبائح فكيف يجوز الزيادة على عذاب الكافر قلنا الظلم عبارة عن التصرّف فى غير ملكه والله سبحانه مالك الملك يتصرّف فى ملكه كيف يشاء فلو عذب العالمين بغير جرم لا يكون منه تعالى ظلما وقوله تعالى لا يُظْلَمُونَ نَقِيراً وأَنَّ اللَّهَ لَيْسَ بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ مبنى على التجوز معناه ان الله سبحانه لا يفعل بالمؤمنين ما لو فعله بهم غيره تعالى يعد ظلما والله اعلم ذكر البغوي عن مسروق انه قال لما نزلت لَيْسَ بِأَمانِيِّكُمْ الاية قال اهل الكتاب نحن وأنتم سواء فنزلت وَمَنْ يَعْمَلْ مِنَ الصَّالِحاتِ كما ذكر سابقا ونزلت ايضا.

وَمَنْ أَحْسَنُ دِيناً مِمَّنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ لِلَّهِ يعنى أخلص نفسه لله بحيث لا يكون لقلبه تعلقا علميا ولا حبيا بغيره تعالى ويكون نفسه وقلبه وقالبه منقادا لاوامره تعالى منتهيا عن مناهيه لا يثبت لنفسه ولا لغيره فى دائرة الإمكان لشىء من الأشياء وجودا متاصلا فضلا من اتخاذه معبودا او محبوبا او موجودا بوجود مستقل بنفسه وفى هذا الاستفهام اشارة الى ان ذلك غاية مبلغ الكمال وَهُوَ مُحْسِنٌ ات بالحسنات تارك للسيئات متصف بدوام الحضور والإخلاص قال رسول الله صلى الله عليه وسلم فى حديث سوال جبرئيل ما الإحسان ان تعبد ربك كانك تراه فان لم تكن تراه فانه يراك متفق عليه من حديث عمر رضى الله عنه وَاتَّبَعَ مِلَّةَ إِبْراهِيمَ خصّ ابراهيم عليه السّلام بالذكر مع ان دين الأنبياء كلهم واحد وهو صرف نفسه وأعضائه وقواه ظاهرا وباطنا فى مرضات الله تعالى مشتغلا به تعالى معرضا عن غيره تعالى لاتفاق جميع الأمم على كونه نبيا حقا حميدا فى كل دين ولكون دين الإسلام موافقا لشريعة ابراهيم عليه السلام فى كثير من فروع الأعمال كالصلوة الى الكعبة والطواف بها ومناسك الحج والختان وحسن الضيافة وغير ذلك من كلمات ابتلاه الله تعالى بها فاتمهن حَنِيفاً حال من ابراهيم او من الملة او من المستكن فى واتبع يعنى مستقيما على الطريق الحق مائلا عن الطرق الباطلة وصف ابراهيم به لانه استقام على الإسلام واعتزل عن عبادة الأصنام مع ما كان أبوه وقومه عاكفين على عبادتهن وَاتَّخَذَ اللَّهُ إِبْراهِيمَ خَلِيلًا (١٢٥) صديقا صافى المحبة والخلة مشتق من الخلال فانه ودّ يخلل النفس ويخالطها وقيل من الخلل فان كل واحد من الخليلين يسد ... ...

<<  <  ج: ص:  >  >>