للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

المبحث الثامن المعاني المجازية في سورة «الحجر» «١»

قوله سبحانه: لَعَمْرُكَ إِنَّهُمْ لَفِي سَكْرَتِهِمْ يَعْمَهُونَ (٧٢) . وهذه استعارة. والمراد بها صفتهم بالتردّد في غيهم، والتسكّع في ضلالهم. فشبّه تعالى المتلدّد «٢» في غمرات الغيّ، بالمتردّد في غمرات السّكر.

وقوله سبحانه: وَلا تَحْزَنْ عَلَيْهِمْ وَاخْفِضْ جَناحَكَ لِلْمُؤْمِنِينَ (٨٨) وهذه استعارة. والمراد بها: ألن كنفك لهم، ودم على لطفك بهم. وجعل سبحانه خفض الجناح، هاهنا، في مقابلة قول العرب إذا وصفوا الرجل بالحدّة عند الغضب: قد طار طيره، وقد هفا حلمه وقد طاش وقاره فإذا قيل: قد خفض جناحه، فإنما المراد به وصف الإنسان بلين الكنف، والكظم عند الغضب.

وذلك ضد وصفه بطيرة المغضب، ونزوة المتوثّب.

وقوله سبحانه: الَّذِينَ جَعَلُوا الْقُرْآنَ عِضِينَ (٩١) وهذه استعارة على أحد التأويلين. وهو أن يكون المعنى أنهم جعلوا القرآن أقساما مجزّأة، كالأعضاء المعضّاة «٣» فآمنوا ببعض، وكفروا ببعض. وقيل: جعلوه أقساما، بأن قالوا هو سحر وكهانة وكذب وإحالة.

وأما التأويل الآخر في معنى


(١) . انتقي هذا المبحث من كتاب: «تلخيص البيان في مجازات القرآن» للشريف الرضي، تحقيق محمد عبد الغني حسن، دار مكتبة الحياة، بيروت، غير مؤرّخ. [.....]
(٢) . المتلدد في المكان: المتلبث به. أو المتحيّر المتلفّت يمينا وشمالا.
(٣) . المعضّاة: أي المجزّأة المقسّمة.