للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

المادي، واستغلال الأفراد والجماعات والأوطان، ولا يعامل البلاد المفتوحة معاملة الرقيق، ولا يسخّر أهلها في أغراضه وأطماعه وإنّما ينشر العدل في كل مكان يحلّ به، ويساعد المتخلّفين، ويدرأ عنهم العدوان دون مقابل، ويستخدم القوة التي يسّرها الله له في التعمير والإصلاح ودفع العدوان، وإحقاق الحق. ثم يرجع كلّ خير يحقّه الله على يديه إلى رحمة الله وفضله، ولا ينسى، وهو في إبّان سطوته، قدرة الله وجبروته، وأنه راجع إلى الله» .

[أهداف سورة الكهف]

نزلت سورة الكهف بمكّة في وقت اشتدت فيه حملة القرآن على المنكرين المكذّبين بيوم الدين. وقد نزلت قبلها سورة الغاشية، وهي سورة تبدأ وتنتهي بحديث الساعة، وإياب الناس جميعا إلى الله، ليحاسبهم على ما قدّموا.

ونزلت، بعد سورة الكهف، سورة النحل وعدّة سور تحدّثت عن البعث والجزاء، وأثبتت وحدانيّة الله وقدرته، وذكرت عقوبته للمكذّبين، وأخذه على يد الظالمين. لقد كان كفّار مكّة ينكرون البعث، ويستبعدون وقوعه بعناد وإصرار، فتكفّل القرآن بمناقشتهم وتفنيد آرائهم، وأثبت قدرة الله على البعث والجزاء، وقدّم الأدلة على هذه القضية وساق في سورة الكهف عددا من الحجج والبراهين على حقيقتها، مبرزا ذلك بصورة واضحة قد اكتملت فيها عناصر القوة والروعة والإفحام. فالمحور الموضوعي لسورة الكهف هو تصحيح العقيدة، وتأكيد قدرة الله على البعث والجزاء، وتصحيح المفاهيم الخاطئة.

ونستطيع أن نجمل مظاهر ذلك فيما يأتي:

١- بدأت السورة بقوله تعالى:

الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَنْزَلَ عَلى عَبْدِهِ الْكِتابَ وَلَمْ يَجْعَلْ لَهُ عِوَجاً (١) قَيِّماً لِيُنْذِرَ بَأْساً شَدِيداً مِنْ لَدُنْهُ وَيُبَشِّرَ الْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ الصَّالِحاتِ أَنَّ لَهُمْ أَجْراً حَسَناً (٢) ماكِثِينَ فِيهِ أَبَداً (٣) .

وهي تتحدّث في هذا البدء عن الدار الاخرة وما فيها من بأس شديد يصيب أقواما، وأجر حسن يفوز به أقوام آخرون.

وختمت بقوله تعالى: