للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

المبحث الثالث أسرار ترتيب سورة «الكهف» «١»

قال بعضهم: مناسبة وضعها بعد سورة الإسراء: افتتاح تلك بالتسبيح، وهذه بالتحميد «٢» ، وهما مقترنان في القرآن وسائر الكلام بحيث يسبق التسبيح التحميد، نحو: فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ [الحجر: ٩٨] ونحو وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ [غافر: ٥٥ ق: ٣٩ الطور: ٤٨] .

وسبحان الله وبحمده.

قلت: مع اختتام ما قبلها بالتحميد أيضا «٣» ، وذلك من وجوه المناسبة بتشابه الأطراف. ثم ظهر لي وجه آخر أحسن في الاتصال. وذلك: أن اليهود أمروا المشركين أن يسألوا النبي (ص) عن ثلاثة أشياء: عن الروح، وعن قصّة أصحاب الكهف، وعن قصّة ذي القرنين «٤» . وقد ذكر جواب السؤال الأول في آخر «الإسراء» ، فناسب اتصالها بالسورة التي اشتملت على جواب السؤالين الآخرين.

فإن قلت: لماذا لم يجمع الثلاثة في سورة واحدة؟


(١) . انتقي هذا المبحث من كتاب: «أسرار ترتيب القرآن» للسيوطي، تحقيق عبد القادر أحمد عطا، دار الاعتصام، القاهرة، الطبعة الثانية، ١٣٩٨ هـ: ١٩٧٨ م.
(٢) . وسبب آخر ذكره ابن الزّملكاني هو: أن «سورة الإسراء» اشتملت على الإسراء الذي كذّب به المشركون وكذّبوا الرسول (ص) من أجله. وتكذيبه تكذيب لله، فأتى ب «سبحن» تنزيها لله عما نسب الى نبيه من الكذب. وسورة الكهف، لمّا نزلت بعد سؤال المشركين عن قصة اصحاب الكهف، وتأخر الوحي، نزلت مبيّة أن الله لم يقطع نعمته عن رسوله ولا عن المؤمنين فناسب افتتاحها بالحمد (الإتقان: ٣: ٣٨٧) .
(٣) . ختام الإسراء: وَقُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي لَمْ يَتَّخِذْ وَلَداً وَلَمْ يَكُنْ لَهُ شَرِيكٌ فِي الْمُلْكِ [الإسراء: ١١١] .
(٤) . انظر تفسير ابن كثير: ٥: ١٣٧.