للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

والحفيظة في صدر فرعون، ولام السحرة على إيمانهم بموسى، قبل أن يأذن لهم.

وقال: إنه أستاذكم وكبيركم الذي علّمكم السحر، فاتّفقتم معه على فعلكم ومؤامرتكم:

فَلَأُقَطِّعَنَّ أَيْدِيَكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ مِنْ خِلافٍ وَلَأُصَلِّبَنَّكُمْ فِي جُذُوعِ النَّخْلِ وَلَتَعْلَمُنَّ أَيُّنا أَشَدُّ عَذاباً وَأَبْقى (٧١) .

ولكن ذلك جاء بعد فوات الأوان.

بعد أن تخلل صدورهم نور الإيمان، فوصلهم بخالقهم فزهدوا في عرض الدنيا وسلطانها، وتطلّعت قلوبهم إلى مرضاة الله، وفضّلوا ثواب الاخرة على كل ما عداه:

إِنَّا آمَنَّا بِرَبِّنا لِيَغْفِرَ لَنا خَطايانا وَما أَكْرَهْتَنا عَلَيْهِ مِنَ السِّحْرِ وَاللَّهُ خَيْرٌ وَأَبْقى (٧٣) .

[غرق فرعون ونجاة موسى]

استمرّ موسى في أداء رسالته وقيامه بواجب دعوته، وقد اشتد إيذاء فرعون وأتباعه للمؤمنين، فاستغاثوا بموسى، فخرج موسى بهم ليلا إلى الأرض المقدّسة، وقد سهّل الله إليها طريقهم، واعترض البحر سبيلهم، فاستغاثوا بموسى قائلين: البحر أمامنا وفرعون وراءنا. فأوحى الله إلى موسى أن اضرب بعصاك البحر، فضربه بعصاه، فتولّت قدرة الله أن تيسّر لهم في البحر اثني عشر طريقا يابسا ممهّدا للسير، فسار كل فريق في طريق، وحفظتهم عناية الله من فرعون وحينما حاول فرعون اللحاق بهم، أطبقت عليه وعلى جنوده مياه البحر، وأدركهم الغرق والهلاك. ونجّى الله المؤمنين، وأذلّ الكافرين. وجعل من ذلك عظة وعبرة لمن اعتبر، فمن آمن بالله وجاهد في سبيله كان في كنف الله ورعايته، ومن كفر بآيات الله وخرج عن طريق هدايته أعد الله له العذاب والنّكال. ونظر بنو إسرائيل في دهشة إلى مصرع الجبابرة العتاة، ثم نجّى الله فرعون ببدنه، ليكون آية لمن خلفه، ودليلا على أنّ الله يملي للظالم، حتى إذا أخذه لم يفلته.

[موسى والسامري]

ترك موسى قومه وذهب لميعاد ربّه عجلا مشتاقا لمناجاته، وانتهز السامريّ الفرصة، فصنع لبني إسرائيل عجلا من