للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

على الرسول (ص) بصيانته من الشعر ونظمه، وإقامة البرهان على البعث، ونفاذ أمر الحق في كُنْ فَيَكُونُ (٨٢) ، وكمال ملك ذي الجلال على كل حال» «١» في قوله سبحانه:

فَسُبْحانَ الَّذِي بِيَدِهِ مَلَكُوتُ كُلِّ شَيْءٍ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ (٨٣) .

[ملامح السورة]

لسورة يس وقع خاص في نفوس المسلمين، يردّدون قراءتها في الصباح والمساء، وتقرأ على المريض للشفاء، وعلى المحتضر لتيسير خروج الروح، وعلى المقابر لتنزل الرحمة على الموتى، وقد أخرج ابن حبّان في صحيحه مرفوعا:

«من قرأ يس في ليلة ابتغاء وجه الله غفر الله له» «٢» .

وتتميز سورة يس بقصر الآيات، وسهولة القراءة، وتتابع المشاهد وتنوّعها، من بدء السورة إلى نهايتها.

والموضوعات الرئيسة في السورة، هي موضوعات السورة المكّيّة، وهدفها الأول هو بناء أسس العقيدة، فهي تتعرض لطبيعة الوحي وصدق الرسالة، وتسوق قصة أصحاب القرية إذ جاءها المرسلون، لتحذّر من عاقبة التكذيب بالوحي والرسالة، وتعرض هذه العاقبة في القصّة على طريقة القرآن الكريم في استخدام القصص لتدعيم قضاياه وتعود السورة، قبيل نهايتها، إلى الموضوع ذاته، فتوضح أنّ ما يوحى إلى محمد (ص) ، ليس شعرا ولكنّه ذكر وقرآن مبين.

كذلك تتعرّض السّورة لقضيّة الألوهيّة والوحدانيّة، فيجيء استنكار الشّرك على لسان الرّجل المؤمن، الّذي جاء من أقصى المدينة ليعلن إيمانه بالمرسلين، وهو يقول كما ورد في التنزيل:

وَما لِيَ لا أَعْبُدُ الَّذِي فَطَرَنِي وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ (٢٢) .

والقضيّة الّتي يشتدّ عليها التركيز في مواضع كثيرة من السورة، هي قضية البعث والنشور. وتحكي السورة قصّة


(١) . بصائر ذوي التمييز ١: ٣١٠ بتصرف.
(٢) . انظر المصدر نفسه ١: ٣٩٢.