للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

المبحث الثالث أسرار ترتيب سورة «يس» «١»

أقول: ظهر لي وجه اتّصالها بما قبلها: أنّه لمّا ذكر تعالى في سورة فاطر قوله: وَجاءَكُمُ النَّذِيرُ [فاطر: ٣٧] ، وقوله سبحانه: وَأَقْسَمُوا بِاللَّهِ جَهْدَ أَيْمانِهِمْ لَئِنْ جاءَهُمْ نَذِيرٌ لَيَكُونُنَّ أَهْدى مِنْ إِحْدَى الْأُمَمِ فَلَمَّا جاءَهُمْ نَذِيرٌ [فاطر: ٤٢] ، والمراد به محمد (ص) «٢» وقد أعرضوا عنه وكذّبوه، فافتتح هذه السّورة بالإقسام على صحة رسالته، وأنّه على صراط مستقيم، لينذر قوما ما أنذر آباؤهم. وهذا وجه بيّن.

وفي فاطر: وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ [الآية ١٣] . وفي يس وَالشَّمْسُ تَجْرِي لِمُسْتَقَرٍّ لَها ذلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ (٣٨) وَالْقَمَرَ قَدَّرْناهُ مَنازِلَ حَتَّى عادَ كَالْعُرْجُونِ الْقَدِيمِ (٣٩) . وذلك أبسط وأوضح.

وفي فاطر: وَتَرَى الْفُلْكَ فِيهِ مَواخِرَ [الآية ١٢] . وفي يس: وَآيَةٌ لَهُمْ أَنَّا حَمَلْنا ذُرِّيَّتَهُمْ فِي الْفُلْكِ الْمَشْحُونِ (٤١) وَخَلَقْنا لَهُمْ مِنْ مِثْلِهِ ما يَرْكَبُونَ (٤٢) وَإِنْ نَشَأْ نُغْرِقْهُمْ فَلا صَرِيخَ لَهُمْ وَلا هُمْ يُنْقَذُونَ (٤٣) ، فزاد القصّة بسطا.


(١) . انتقي هذا المبحث من كتاب: «أسرار ترتيب القرآن» للسيوطي، تحقيق عبد القادر أحمد عطا، دار الاعتصام، القاهرة، الطبعة الثانية، ١٣٩٨ هـ: ١٩٧٨ م.
(٢) . هو قول السّدّيّ وعبد الرّحمن بن زيد بن أسلم. انظر تفسير ابن كثير ٦: ٥٤٢.