للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

المبحث الثامن المعاني المجازية في سورة «الفتح» «١»

١- في قوله تعالى: إِنَّ الَّذِينَ يُبايِعُونَكَ إِنَّما يُبايِعُونَ اللَّهَ يَدُ اللَّهِ فَوْقَ أَيْدِيهِمْ [الآية ١٠] . استعارة، واليد هاهنا تعرف على وجوه: أحدها أن يكون المعنى عقد البيعة فوق عقدهم. وقيل المراد قوّة الله تعالى في نصرة نبيه (ص) فوق قوّة نصرتهم. وقيل اليد هاهنا بمعنى السلطان والقدرة كما يقول القائل فلان تحت يد فلان أي تحت سلطانه وأمره. فيكون المعنى أنّ سلطان الله تعالى في هذا الأمر فوق سلطانهم، وأمره فوق أمرهم. وقيل في ذلك وجه آخر، وهو أن العادة جارية في المبايعات والمعاقدات أن تقع الصفقة بالأيدي من البائع والمشتري.

ومن هناك قالوا صفقة رابحة وصفقة خاسرة، فقيل: يَدُ اللَّهِ فَوْقَ أَيْدِيهِمْ ذهابا إلى هذا المعنى، كأنه سبحانه قال: فالذي أعطاكم الله، في هذه المبايعة، أعلى ممّا أعطيتم وأجلّ وأربح وأفضل.

٢- وفي قوله تعالى: كَزَرْعٍ أَخْرَجَ شَطْأَهُ فَآزَرَهُ فَاسْتَغْلَظَ فَاسْتَوى عَلى سُوقِهِ [الآية ٢٩] استعارة لأنه شبّه أصحاب النبي (ص) في تضافرهم وتآزرهم واشتدادهم وأضدادهم «٢» بالزرع الملتفّ المتكاثف الذي يقوّى بعضه ببعض ويستند بعضه إلى بعض.

وشطأ الزّرع خرجت أفرخه التي تنبت الى أصوله. ويقال شطأه ممدود،


(١) . انتقي هذا المبحث من كتاب: «تلخيص البيان في مجازات القرآن» للشريف الرضي، تحقيق محمد عبد الغني حسن، دار مكتبة الحياة، بيروت، غير مؤرّخ.
(٢) . كذا في النسخة، ونظنّ أن الأصل واحتشادهم.