للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

المبحث السابع لكل سؤال جواب في سورة «الرحمن» «١»

إن قيل: أيّ مناسبة بين رفع السماء ووضع الميزان حتى قرن بينهما؟

قلنا: لما صدّرت هذه السورة بتعديد نعمه سبحانه على عبيده، ذكر سبحانه من جملتها وضع الميزان الذي به نظام العالم وقوامه، ولا سيّما أن المراد بالميزان العدل في قول الأكثرين، والقرآن في قول، وكل ما تعرف به المقادير في قول، كالمكيال والميزان والذراع المعروف، ونحوها.

فإن قيل: قوله تعالى: أَلَّا تَطْغَوْا فِي الْمِيزانِ (٨) أي لا تجاوزوا فيه العدل، مغن عمّا بعده من الجملتين، فما الحكمة في ورودهما؟

قلنا: المراد بالطغيان فيه أخذ الزائد، وبالإخسار فيه إعطاء الناقص، وأمر بالتوسط الذي هو إقامة الوزن بالقسط، ونهى عن الطرفين المذمومين.

فإن قيل: لم قال تعالى هنا:

خَلَقَ الْإِنْسانَ مِنْ صَلْصالٍ كَالْفَخَّارِ (١٤) وهو الطين اليابس الذي لم يطبخ لكن له صلصلة: أي صوت إذا نقر وقال تعالى في موضع آخر:

مِنْ صَلْصالٍ مِنْ حَمَإٍ مَسْنُونٍ [الحجر:

٢٦ و ٢٨] وقال تعالى: مِنْ طِينٍ لازِبٍ (١١) [الصّافات] وقال تعالى: مِنْ تُرابٍ [الروم: ٢٠] ؟

قلنا: الآيات كلها متفقة في المعنى.

لأنّه تعالى خلق الإنسان من تراب، ثمّ جعله طينا، ثمّ حمأ مسنونا، ثم صلصالا.

فإن قيل: لم قال تعالى:


(١) . انتقي هذا المبحث من كتاب «أسئلة القرآن المجيد وأجوبتها» ، لمحمد بن أبي بكر الرازي، مكتبة البابي الحلبي، القاهرة، غير مؤرّخ.