للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وروي عن علي رضي الله عنه، وابن مسعود، ومالك، والشافعي، أنّ المعنى: لا يمسّه من كان على جنابة، أو حدث، أو حيض.

وروي عن ابن عبّاس، والشّعبي، وجماعة، منهم أبو حنيفة، أن المصحف، أو بعضه، يجوز للمحدث مسّه، وبخاصة للدرس والتعليم «١» .

[نهاية الحياة]

في الآيات [٨٣- ٩٦] نجد الإيقاع الأخير في السورة لحظة الموت، اللمسة التي ترتجف لها الأوصال، واللحظة التي تنهي كلّ جدال، واللحظة التي يقف فيها الحي بين نهاية طريق وبداية طريق، حيث لا يملك الرجوع ولا يملك النّكوص: فَلَوْلا إِذا بَلَغَتِ الْحُلْقُومَ (٨٣) وَأَنْتُمْ حِينَئِذٍ تَنْظُرُونَ (٨٤) .

وإننا لنكاد نسمع صوت الحشرجة، ونبصر تقبّض الملامح، ونحسّ الكرب والضيق، من خلال قوله تعالى:

فَلَوْلا إِذا بَلَغَتِ الْحُلْقُومَ (٨٣) ، كما نكاد نبصر نظرة العجز، وذهول اليأس، في ملامح الحاضرين، من خلال قوله تعالى: وَأَنْتُمْ حِينَئِذٍ تَنْظُرُونَ (٨٤) .

هنا، في هذه اللحظة، وقد فرغت الروح من أمر الدنيا، وخلّفت وراءها الأرض وما فيها وهي تستقبل عالما لا عهد لها به، ولا تملك من أمره شيئا، إلّا ما ادّخرت من عمل، وما كسبت من خير أو شر.

فإن كان الميت المحتضر من السابقين في الإيمان، فروحه ترى علائم النعيم الذي ينتظرها: فَرَوْحٌ وَرَيْحانٌ وَجَنَّةُ نَعِيمٍ (٨٩) وَأَمَّا إِنْ كانَ مِنْ أَصْحابِ الْيَمِينِ (٩٠) ، وهم دون المقرّبين السّابقين في المنزلة والدرجة، فإنّ الملائكة تبلّغه السلام من الله، ومن الملائكة ومن أقرانه أصحاب اليمين، وَأَمَّا إِنْ كانَ مِنَ الْمُكَذِّبِينَ الضَّالِّينَ (٩٢) فنزله عند ذلك، الحميم الساخن، والماء الحار، وعذاب الجحيم.

ثم تختم السورة في إيقاع عميق رزين، يفيد أن ما قصّه الله سبحانه في هذه السورة، حقّ ثابت، ويقين صادق لا شكّ فيه.


(١) . انظر المنتقى للشوكاني.