للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

إليها في نهاية المطاف، مع نفاذ علمها إلى خبايا القلوب وذوات الصدور» «١» .

[أدلة التوحيد]

الآيات الأولى من السورة [١- ٦] يمكن أن تكون عناصر لأدلة التوحيد وصفات الله العلي القدير. فكل شيء في الكون يتّجه إليه وحده سبحانه بالعبادة، ويعلن خضوعه وانقياده لقدرة الله، فالسماء مرفوعة، والأرض مبسوطة، والبحار جارية، والهواء مسخّر، والشمس مسيّرة، والقمر باهر، والكوكب زاهر، وكلّ شيء في مداره يسير، معلنا قدرة القدير، مسبّحا بلسان الحال، مظهرا لله العبادة والخضوع.

سَبَّحَ لِلَّهِ ما فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (١) لَهُ مُلْكُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ يُحْيِي وَيُمِيتُ وَهُوَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (٢) هُوَ الْأَوَّلُ وَالْآخِرُ وَالظَّاهِرُ وَالْباطِنُ وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ (٣) .

والقلب يهتزّ عند قراءة هذه الآيات وما بعدها، يهتزّ من جلال القدرة الإلهية، المؤثّرة المبدعة لكل شيء، المحيطة بكلّ شيء، المهيمنة على كلّ شيء، العلمية بكلّ شيء.

يهتزّ إجلالا للخالق، القادر، العليم، الخبير، المطّلع على خفايا الصدور يهتزّ القلب حين يجول في الوجود كله، فلا يجد إلا الله، ولا يرى إلا الله، ولا يحسّ غير الله، ولا يعلم له مهربا من قدرته، ولا مخبأ من علمه، ولا مرجعا إلّا إليه، ولا متوجّها إلّا لوجهه الكريم.

[تثبيت الايمان]

الآيات [٧- ١١] دعوة الى صدق الإيمان وتأكيده، وحث على الإنفاق في سبيل الله.

وظاهر من سياق السورة، أنّها كانت تعالج حالة في المجتمع المدني في فترة تمتد من العام الرابع الهجري، الى ما بعد فتح مكة فإلى جانب المهاجرين والأنصار، الذين ضربوا أروع الأمثال في تحقيق الإيمان، وفي البذل والتضحية بأرواحهم وأموالهم في إخلاص قادر، وتجرّد كامل. إلى جانب هذه الفئة الممتازة الفذّة، كانت


(١) . في ظلال القرآن ٢٧: ١٥١.