للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

المبحث الثالث أسرار ترتيب سورة «الزّلزلة» «١»

أقول: لمّا ذكر في آخر سورة «البيّنة» : أنّ جزاء الكافرين جهنّم، وجزاء المؤمنين جنّات، فكأنّه قيل:

متى يكون ذلك؟ فقيل: إِذا زُلْزِلَتِ الْأَرْضُ زِلْزالَها (١) . أي حين تكون زلزلة الأرض إلى آخره.

هكذا ظهر لي، ثمّ لمّا راجعت تفسير الإمام الرازي، ورأيته ذكر نحوه حمدت الله كثيرا. وعبارته: ذكروا في مناسبة هذه السورة لما قبلها، وجوها منها: أنّه تعالى لمّا قال: جَزاؤُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ جَنَّاتُ عَدْنٍ [البيّنة: ٨] فكأنّ المكلّف قال: ومتى يكون ذلك يا ربّ؟

فقال جلّ وعلا: إِذا زُلْزِلَتِ الْأَرْضُ [الآية ١] .

ومنها: أنّه لمّا ذكر سبحانه فيها وعيد الكافرين، ووعد المؤمنين، أراد أن يزيد في وعيد الكافرين فقال تعالى:

إِذا زُلْزِلَتِ الْأَرْضُ [الآية ١] . ونظيره:

يَوْمَ تَبْيَضُّ وُجُوهٌ وَتَسْوَدُّ وُجُوهٌ [آل عمران: ١٠٦] . ثمّ ذكر جلّ وعلا ما للطائفتين، فقال: فَأَمَّا الَّذِينَ اسْوَدَّتْ وُجُوهُهُمْ [آل عمران: ١٠٦] إلى آخره.

ثمّ جمع بينهما هنا في آخر السورة، بذكر الذي يعمل الخير والشر.


(١) . انتقي هذا المبحث من كتاب: «أسرار ترتيب القرآن» للسيوطي، تحقيق عبد القادر أحمد عطا، دار الاعتصام، القاهرة، الطبعة الثانية، ١٣٩٨ هـ: ١٩٧٨ م.