للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

المبحث الثالث أسرار ترتيب سورة «الإخلاص» «١»

قال بعضهم: وضعت هاهنا للوزان في اللفظ بين فواصلها، ومقطع سورة تبّت.

وأقول: ظهر لي هنا غير الوزان في اللفظ: أن هذه السورة متّصلة ب قُلْ يا أَيُّهَا الْكافِرُونَ (١) في المعنى.

ولهذا قيل: من أسمائها أيضا الإخلاص. وقد قالوا: إنّها اشتملت على التوحيد، وهذه أيضا مشتملة عليه. ولهذا قرن بينهما في القراءة في الفجر، والطواف، والضحى، وسنّة المغرب، وصبح المسافر، ومغرب ليلة الجمعة «٢» .

وذلك أنه، لما نفى سبحانه عبادة ما يعبدون، صرّح هنا بلازم ذلك، وهو أن المعبود الله الأحد، وأقام الدليل عليه جلّ وعلا بأنه صمد لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ (٣) وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُواً أَحَدٌ (٤) ولا يستحق العبادة إلا من كان كذلك، وليس في معبوداتهم ما هو كذلك.

وإنّما فصل بين النظيرتين بالسورتين «٣» لما تقدم من الحكمة، وكأن إيلاءها سورة تبت، ورد عليه بخصوصه.


(١) . انتقي هذا المبحث من كتاب: «أسرار ترتيب القرآن» للسيوطي، تحقيق عبد القادر أحمد عطا، دار الاعتصام، القاهرة، الطبعة الثانية، ١٣٩٨ هـ: ١٩٧٨ م.
(٢) . أخرج الهيثمي في مجمع الزوائد عن ابن عمر: ٢: ١٢٠ أنّ النبي (ص) ، قرأ في الفجر، سفرا، بالكافرين والإخلاص. وأخرج ابن حجر في المطالب العالية: ٣: ٣٩٩ عن النبي (ص) ، يقول بضعا وعشرين مرة: «نعم السورتان يقرأ في الركعتين: الأحد الصمد، وقل يا أيها الكافرون» وأخرج عن أبي يعلى من حديث جبير بن مطعم، أنّه (ص) أمره أن يقرأ: الكافرون، والنصر، والإخلاص، والمعوّذتين (المصدر السابق ٣: ٣٩٨) .
(٣) . أي: بين سورتي الكافرون والإخلاص، بسورتي النصر وتبّت.