للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

المفسرين أنّ عمران الذي سميت السورة بآله هو عمران أبو مريم، لا أبو موسى وهارون. فالسورة تذكر طبقات من اصطفاهم الله من آدم ونوح وآل إبراهيم وآل عمران، لتبيّن للقوم، من أول الأمر، أنّ اصطفاء الله من آل عمران عيسى وأمه، ليس إلا كاصطفائه لغيرهما ممّن اصطفى، وأنّ ما ظهر على يد عيسى من خوارق العادات التي يتخذونها دليلا على ألوهيته أو نبوته أو حلول الله فيه، لم يكن إلا أثرا من آثار التكريم الذي جرت به سنّة الله في من يصطفي من الأنبياء والمرسلين. ويقوّي هذا أنّ الله يقول، عقب هذه الآية، بيانا لاصطفاء آل عمران:

وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ (٣٤) إِذْ قالَتِ امْرَأَتُ عِمْرانَ رَبِّ إِنِّي نَذَرْتُ لَكَ ما فِي بَطْنِي مُحَرَّراً.

وأنّه يقول في جانب مريم:

وَإِذْ قالَتِ الْمَلائِكَةُ يا مَرْيَمُ إِنَّ اللَّهَ اصْطَفاكِ وَطَهَّرَكِ وَاصْطَفاكِ عَلى نِساءِ الْعالَمِينَ (٤٢) .

وهكذا نجد أنّ اصطفاء آل عمران ذكر أولا مجملا ضمن من اصطفى الله، ثم بيّن باصطفاء مريم أو عيسى.

ومن هذا يتبين أنّ عمران الذي سمّيت السورة بآله هو أبو مريم، لا أبو موسى وهارون.

[(٢) مقاصد سورة آل عمران]

سورة آل عمران سورة مدنية، وليست من أوائل ما نزل بالمدينة، ولكنها نزلت بعد فترة طويلة من حياة المسلمين بها، وبعد أن تقلبت عليهم فيها أحوال من النصر والهزيمة في غزوات متعددة، واختلطوا اختلاطا واضحا بأهل الكتاب من يهود ونصارى، وجرى بينهم، من الحجاج والنقاش ما يتصل بالدعوة المحمدية وفروعها.

وقد ذكرت فيها غزوات بدر وأحد وحمراء وبدر الأخيرة. وكانت هذه في شعبان من السنة الرابعة. وقد نزلت سورة آل عمران بعد سورة الأنفال التي تكفلت بالكلام على بدر. ونزلت بعدها سورة الأحزاب التي نزلت في آخر السنة الخامسة.

[العناية بأمرين عظيمين:]

ونحن، إذ نقرأ السورة، نجد أنّها عنيت بأمرين عظيمين: