للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

٢- قصة التسمية

سميت سورة المائدة بهذا الاسم، لأنها السورة الوحيدة التي تحدثت عن مائدة طلب الحواريون من عيسى عليه السلام أن يسألها ربه. وذلك في قوله تعالى:

إِذْ قالَ الْحَوارِيُّونَ يا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ هَلْ يَسْتَطِيعُ رَبُّكَ أَنْ يُنَزِّلَ عَلَيْنا مائِدَةً مِنَ السَّماءِ قالَ اتَّقُوا اللَّهَ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ (١١٢) قالُوا نُرِيدُ أَنْ نَأْكُلَ مِنْها وَتَطْمَئِنَّ قُلُوبُنا وَنَعْلَمَ أَنْ قَدْ صَدَقْتَنا وَنَكُونَ عَلَيْها مِنَ الشَّاهِدِينَ (١١٣) .

والحواريون هم خلصاء عيسى عليه السلام الذين صغت قلوبهم من الكفر والنفاق وبادروا إلى الإيمان بعيسى وتلقوا عنه التعاليم ثم انتشروا في القرى لبثّها بين الناس.

[المائدة]

تكلّم العلماء على المائدة التي سألها الحواريون عيسى: هل نزلت أم لا؟

وجمهور المفسرين منعقد على أنها نزلت بالفعل. وقد تعددت الروايات بعد ذلك عن أوصافها وما احتوت عليه من ألوان الطعام والشراب. وحسبك أن ترجع إلى أي تفسير من كتب التفاسير المتداولة لتقرأ في أوصافها وأوصاف ما وضع عليها الشيء الكثير، مما يجعلك ترجح أن كثيرا مما ورد في أوصاف هذه المائدة إنما هو من افتراء المفترين أو أساطير الإسرائيليين.

وألفاظ القرآن الصريحة تفيد أن عيسى (ع) طلب من ربه أن ينزل مائدة من السماء تكون كافية لقومه جميعا، وتكون عيدا وسعادة لأول قومه وآخرهم. والمائدة طعام ورزق، وكل طعام ورزق إنما هو من عند الله. وقد وعد الله أن ينزّلها عليهم. ولم يذكر القرآن: هل كانت بمفهومها الضيق كما طلبها الحواريون، أو بمفهومها المطلق، كما قد يريده الله، ويفهمه عيسى والحواريون، فيكون حينئذ وعدا بنعمة من الله عليهم، طعاما ورزقا، يشمل أولهم وآخرهم، وترجمة للمفهوم الضيق، الذي أرادوه للمائدة، بمفهوم أوسع، قد يشمل الطعام، وسواه من الرزق، ليكون ذلك ابتلاء وفتنة، لأتباع المسيح (ع) بوجه عام.

والله أعلم بما كان مما سكت عنه القرآن، وليس لنا من مصدر آخر نستفتيه، واثقين، في مثل هذه الشؤون، أنه ليس سوى رأي نبديه،