للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلاَ تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ} (١) .

{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيداً * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَن يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزاً عَظِيماً} (٢) .

أما بعد معشر الإخوة المؤمنين:

تقدم معنا أن أحب البلاد وأفضلها بيوت الله جل وعلا المساجد، ففيها نوره وهداه، أذن الله برفعها ليسبح ويذكر فيها، وقد نعت الله الرجال الذين يعمرون بيوته في هذه الحياة نعتهم بأربع خصال، هي أطيب الخلال لا تلهيهم البيوع والتجارات، ويعظمون رب الأرض والسموات، ويحسنون إلى المخلوقات، ويستعدون للقاء الله جل وعلا في جميع الحالات.

{فِي بُيُوتٍ أذِنَ اللهُ أنْ تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فِيهِ اسْمُهُ يُسَبِّحُ لَهُ فِيهَا بِالْغُدُوِّ وَالآصَالِ * رِجَالٌ لا تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلا بَيْعٌ عَنْ ذِكْرِ اللهِ وَإِقَامِ الصَّلاةِ وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ يَخَافُونَ يَوْماً تَتَقَلَّبُ فِيهِ الْقُلُوبُ وَالأبْصَارُ} (٣) وهذه الخلال التي نُعِتَ بها هؤلاء الكُمَّل من الرجال ينبغي قبل أن ندخل في شرحها، وتفصيل الكلام عليها، أن نتدارس في قول الله جل وعلا رجال من إشاراتٍ معتبرة.

تقدم معنا، إخوتي الكرام أن هذا اللفظ الجليل الذي نعت الله به عباده الذين يعمرون بيوته في هذه الحياة، يحتمل أمرين اثنين كل منهما مراد:

الأمر الأول: رجال كاملو الرجولة، فيهم مروءةٌ وشهامةٌ، فهم الرجال حقا، وعيبٌ أن يقال لمن لم يتصف بمعاني وصفهم رجلُ.

نعم، إن الرجولة كل الرجولة، أن يتذلل المخلوق لخالقه، وأن يعبد العبد ربه، وإن الوضاعة كلَّ الوضاعة أن يتذلل المخلوقٌ لمخلوقٍ مثله، وأن يعبد العباد بعضهم بعضا.


(١) - آل عمران: ١٠٢
(٢)) ) سورة الأحزاب ٧٠، ٧١
(٣) سورة النور: ٣٦، ٣٧