للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

محو المسلمين شعر النصارى واليهود، لم يقل فيها شيئاً ولا أشار إليها إلا إشارة خفيفة، كأنَّ في الأمر أثراً من حزم الأستاذ الكبير مدير الجامعة.

فقال في صفحة ٨٤ عن أمية بن أبي الصلت: "إنه وقف من النبي - صلى الله عليه وسلم - موقف الخصومة هجا أصحابه وأيد مخالفيه.

ورثى قتلى بدر من المشركين، وكان هذا وحده يكفي للنهي عن رواية شعره، وليضيع هذا الشعر كما ضاعت الكثرة المطلقة من الشعر الوثني الذي هُجي فيه النبي - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه حين كانت

الخصومة شديدة بينه وبين مخالفيه من العرب الوثنيين واليهود".

وقال في صفحة "٥: "ليس إذن شعر أمية بن أبي الصلت بدعاً في شعر

المتحنفين من العرب أو المتنصرين والمتهودين منهم.

وليس يمكن أن يكون المسلمون قد تعمدوا محوه إلا ما كان منه هجاء النبي - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه ونعياً على الإسلام؛ فقد سلك المسلمون فيه مسلكهم في غيره من الشعر الذي أهمل حتى ضاع".

فأنت ترى أن ههنا شيئاً من الإصلاح والحذف والاحتراس، وبقي أن

أستاذ الجامعة انخدع بقول كليمان هوار المستشرق الفرنسي فيما زعم من أن

النبي - صلى الله عليه وسلم - نهى عن رواية شعر أمية، فتابعه طه وظن ذلك صحيحاً، غير أنه علل النهي بغير العلة الحمقاء السخيفة التي جاء بها هذا المستشرق (١) .

ولكن ما الدليل على صحة خبر النهي وقد ثبت في صحيح مسلم أن النبي - صلى الله عليه وسلم - استنشد من شعر أمية وما زال يقول للمنشد " إيه إيه " حتى استوفى مائة بيت!

إن هؤلاء المستشرقين أجرأ الناس على الكذب ووضع النصوص المبالغة

في العبارة متى تعلق الأمر بالإسلام أو بسبب يتصل به، وكل ما عُرف من أمر ذلك النهى أن النبي - صلى الله عليه وسلم - نهى عن رواية القصيدة التي رثى بها أمية قتلى المشركين في بدر، وهي مع ذلك لا تزال مروية في كتب السيرة إلى اليوم؛ فإن وقوع النهي لا يقتضي محو المنهى عنه ولا تركه عند من أراده.

وقد نهى الله عن أشياء كثيرة ما زالت تؤتى، وستبقى ما بقيت الفطرة الإنسانية، فما أهمِل شعر أمية ولا نهي عن روايته، ولكنه الكذب والغفلة من الأستاذين.


(١) يرى هذا الرجل أن شعر أمية مصدر من مصادر القرآن. . . أخذ بعض القرآن منه فلذلك وقع النص عن روايته، وليس في الجهل أجهل من هذا، ولكنه مع ذلك قول أستاذ مستشرق اسمه (كليمان هواراً) .

<<  <   >  >>