للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ألا يرى القراء كيف يتهافت الشيخ كان في جوفه شيئاً يغلي على شيء

يتضرم وكيف تقول "لا يمكن " إلا إذا كنت أنت الممكن كله يا مولانا..؟

* * *

ألا ليت شعري كيف يجمع الكلام العالي بعضه إلى بعض ويستخرج منه

شيئاً وهو يراه ملء كتاب، إذا كان لا يستطيغ جمع كلامه هو في مقال صغير

حتى ينفي عنه مثل هذا التناقض العجيب الذي يأتيك بسطر مؤمن يلعنه سطر

كافر؟

أنا لا أقول إن الأستاذ طه ليس شيئاً في فضله وأدبه وعلمه، بل هو عندي

أشياء كثيرة، بل هو مكتبة تنطق كتبها، ولكنه لم يلابس صناعة الشعر ولا

أساليب الخيال، ولا أخذ نفسه في ذلك بمزاولة ولا عمل، فليس له أن ينقد

هذه الصناعة ولا أن يقول في هذه الأساليب إلا بعد أن يجيء بمثل ما يكتب

أهلها، فإن لم يكن ذلك في طبعه ولا في قوته ولم يستوِ له شيء منه فلا يغرنه

أن يكون مؤرخاً، ولا يخدعنه أن يكون مِنطيقاً، ولا يحسبن فهمَ شيء هو فهم كل شيء، ولو كان الأمر موضوعاً في الأدب على الاتساع في الكلام والقدرة على القول الكثير صواباً وخطأ، لما كان أكبرُ أديب هو أكبرَ الأدباء، ولكن أكبرُ الثرثارين. . .

ويقول الأستاذ إنه يفهم القرآن وكذا وكذا ولا يفهم كتابي، وأنا لا أصدق

من هذا شيئاً، وأين حقائق البلاغة المعجزة في القرآن ممن إذا انتقدت بيت

شوقي:

يا لطفُ أنت هو الصدى. . . من ذلك الصوت الرخيم

فهِمَ أن والشاعر يقول إن أرسطو كان ذا صوت رخيم. . . وأورد على ذلك أنه لا هو ولا شوقي سمع هذا الصوت. . . علم الله لو تقدم صاحب هذا القول إلى الامتحان في الأزهر وفسر لهم في البلاغة هذا التفسير لأعطوه "المكعب "

كما يقول الأزهريون، والمكعب عندهم هو الصفر في درجات الامتحان!

أيفهم هذا حقائق البلاغة في القرآن ودقائق الإشارات التي فيه؟

وقد قال صاحب المثل السائر وهو من كبار المجتهدين في علوم البلاغة ومن أبلغ كتاب الدهر: " كنت أقرأ في اليوم ختمة، ثم في الشهر.

ثم في السنة، ثم ها أنا أقرأ

<<  <   >  >>