للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وتكرير الفاصلتين بألفاظ واحدة فيه تأكيد للإنذار من المخالفة ومبالغة فى

امتثال المكلفين بما أرشدوا إليه.

* *

[* فواصل تحتاج إلى تأمل:]

وقد تبدو الفاصلة - بحسب الظاهر - غير ملائمة للمقام - فإذا ما تؤملت

ظهرت دقة الحكمة فيها. وقد مثَّلوا لها بقوله تعالى: (إِنْ تُعَذِّبْهُمْ فَإِنَّهُمْ عِبَادُكَ وَإِنْ تَغْفِرْ لَهُمْ فَإِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (١١٨) .

وكان الظاهر يستلزم أن تكون الفاصلة هنا: " إنك أنت الغفور الرحيم ".

وسر العدول: أنه لا يغفر لمن يستحق العقاب إلا مَن ليس فوقه أحد يَرُدُّ

عليه حكمه. عزيز لا يُغلب.

وإذا كان الأمر - كذلك - فـ " الحكيم " لا يضع الشيء إلا في موضعه فلا

يُتهم في غفرانه لمن يستحق العقاب. ففى " الحكيم " احتراس حسن لأن

الحكمة فيما فعل.

ومن روائع الفواصل في القرآن الكريم قوله تعالى:

(إِنَّ لَكَ أَلَّا تَجُوعَ فِيهَا وَلَا تَعْرَى (١١٨) وَأَنَّكَ لَا تَظْمَأُ فِيهَا وَلَا تَضْحَى (١١٩) .

والمناسب بحسب الظاهر أن يُقرن الجوع بالظمأ لأنهما نظيران، والعري

بالضحاء لأنهما نظيران كذلك، لكن خولف هذا الظاهر ولهذه المخالفة أسباب:

(أ) فقد روعى مناسبة اللبس للشبع في أنهما أمران ضروريان لا غنى

لأحد عنهما، وروعى مناسبة الاستظلال للري في كونهما تابعين لهما.

فالري تابع للشبع. والاستظلال تابع للباس.

<<  <  ج: ص:  >  >>