للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وجاء في سورة آل عمران: (وَمَا مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَفَإِنْ مَاتَ أَوْ قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ وَمَنْ يَنْقَلِبْ عَلَى عَقِبَيْهِ فَلَنْ يَضُرَّ اللَّهَ شَيْئًا وَسَيَجْزِي اللَّهُ الشَّاكِرِينَ (١٤٤) .

الانقلاب في الموضعين مجاز تصويرى على طريقة الاستعارة التمثيلية،

شبهت فيه أحوال معقولة بصور محسوسة.

ومع ذلك نلحظ بينهما فرقين هامين:

أولهما: الانقلاب في آية الحج على الوجه.

أما في آية آل عمران فعلى العقبين.

الأول انكفاء على الوجه الذي هو أشرف ما في الإنسان.

والثاني سقوط إلى الخلف.

ثانيهما: جاء بعد الانقلاب في آية الحج قوله تعالى: (خَسِرَ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةَ ذَلِكَ هُوَ الْخُسْرَانُ الْمُبِينُ (١١) .

وهذه الخاتمة تجعلنا في يأس من إصلاح حال مَن كان الحديث في شأنه.

كما أننا نتبين مدى خسرانه وكونه ظاهراً لفداحته.

وجاء بعد الانقلاب في آية آل عمران قوله تعالى:

(وَمَنْ يَنْقَلِبْ عَلَى عَقِبَيْهِ فَلَنْ يَضُرَّ اللَّهَ شَيْئًا وَسَيَجْزِي اللَّهُ الشَّاكِرِينَ (١٤٤) .

وهذه الخاتمة تدلنا على شيئين:

أن الانقلاب لا يضر إلا صاحبه فلا يلحق بالله - سبحانه - منه شيء.

وأن الله مع هذا كفيل بجزاء الشاكرين.

الخاتمة - كما ترى - في الموضعين مختلفة من حيث الدلالة:

الأولى ميئسة، والثانية فاتحة لأبواب الرجاء.

* *

<<  <  ج: ص:  >  >>