للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فقال: لله أبو صخر، جعلها خيزرانة، فوالله لو جعلها عصا زبد لهجنها،

ألا قال كما قلت:

إذَا قَامتْ لحاجتِها تثنَتْ. . . كأنَ عِظامَهَا مِنْ خَيْزَرَانِ

أقول: وقد فات بشاراً في نقده للبيت المذكور ملحظ آخر. . هو أن كثيراً

جعل " ليلى " في قوله هذا مشاعاً بين الغامزين. . وكان الأحرى أن يثبت لها

الصون والعفاف. .

ومن النقد العلمي المحتكم إلى اللغة قول الحضرمى ينقد الفرزدق في قوله:

وعَفى زَمانٍ يا ابْنَ مَرْوَانَ لمْ يَدَعْ. . . مِنَ الناسِ إلا مُسْحِتاً أو مُجلَّفُ

فقد نقده أبو عبد الله الحضرمى النحوى بأنه عطف المرفوع: " مجلف " على

المنصوب: " مسحتاً ". والاحتكام في هذا النقد راجع إلى النحو.

وقال الفرزدق أيضاً:

وإذَا الرجالُ رَاوا يَزِيدَ رَأيْتَهُم. . . خُضْعَ الرقابِ نَواكِسَ الأبصارِ

فنقده أبو العباس محمد بن يزيد النحوى بأنه جمع " ناكس " على " نواكس "

وفواعل خاص بالمؤنث. . ولم يجمع الذكر على فواعل إلا في موضعين

" فوارس " و " هوالك " والمحتكَم إليه في هذا النقد هو الصرف.

" والحق أن الملاحظات البيانية كثرت. في هذا العصر، وهي كثرة عملت فيها بواعث كثيرة، فقد تمصر العرب واستقروا في الأمصار وازدهرت حياتهم العقلية وأخذوا يتجادلون في جميع شئونهم السياسية والعقدية. . ونما العقل العربي نمواً واسعا، فكان طبعيا أن ينمو النظر في بلاغة الكلام، وأن تكثر الملاحظات

التصلة بحسن البيان لا في مجال الخطابة والخطباء فقط. بل في مجال الشعر

والشعر اء.

<<  <  ج: ص:  >  >>