للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأرجع السيوطي هذا الاختلاف في هاتين الآيتين، وما شاكلهما إلى التفنن

فى الفصاحه وإخراج الكلام على أساليب مختلفة.

*

[* رأينا في الموضوع]

إن الذي ذكروه - وإن كان صحيحاً في نفسه - فغير كاف لإقناع الباحث فى كتاب الله. فهو أقرب إلى التوجيه العام من التحليل الموضوعى الدقيق، الذى يكشف عن السر في كل ظاهرة من ظواهر التعبير.

لذلك ندير البحث على وجه آخر أرى أنه أقرب إلى الصواب، والمعروف أن السجود قد يكون شكراً على النعَم، والاستغفار طلباً للعفو من الذنوب، والقوم في الموضعين مُنْعَم عليهم ومَخطئون. فتقديم السجود في البقرة على الاستغفار تغليب لجانب الشكر على جانب الاستغفار وهذا التغليب مبعثه أمران:

الأول: أن الله قد حثهم - صراحة - على الشكر في معرض الحديث.

الثاني: أن نعمة الله عليهم في البقرة أظهر وأكمل مثها في الأعراف.

وذلك لاشتمال الحديث في البقرة على بعثهم بعد الموت بالصاعقة،

وهذه نعمة جديدة. كما وصف " الأكل " بالرغد: (فَكُلواْ مِنْهَا حَيْثُ شِئْتُمْ

رَغَداً) . وقد فسر " الرغد " بالسعة ولم يأت هذا الوصف فى

الأعراف.

والحديث في البقرة جار مجرى الخطاب، بينما هو في الأعراف آت على

أسلوب " الخبر " المحكى. وقد عطف الأكل على الأمر بالدخول بـ " الفاء ".

فأفاد أن أكلهم الرغد مترتب على دخولهم، وأنه سريع الحصول لهم. والعطف فى الأعراف بـ " الواو " وهو لا يفيد سوى مطلق الجمع.

<<  <  ج: ص:  >  >>