للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إنها لصورة غنية عن كل شرح، ومثل واضح لا يحتاج إلى بيان، فالزرع

يخرج غضاً طريا، وهكذا كان الإسلام متمثلاً في محمد عليه السلام، ثم

يخرج شطأه فيقويه ويناصره حتى يستغلظ ويقوى ويستوى قائماً على سوقه،

وزرع هذه صفته من شأنه أن يُعجب الزرَّاع ويأخذهم بروائه.

فمحمد عليه السلام - أو الإسلام متمثلاً فيه - شبيه بالزرع، والزرع تحيا به النفوس، ويبهج النظر بخضرته وبهائه.

وفي هذا التشبيه كثير من اللطائف والأسرار، منها ما تقدم، ومنها كذلك

أن الإسلام كان سريع الانتشار والاستقرار، يدل على ذلك العطف بالفاء فى

قوله: (أَخْرَجَ شَطْأَهُ فَآزَرَهُ فَاسْتَغْلَظَ فَاسْتَوَى) .

ومنها أن الإسلام كان يتم كماله في صورة دقيقة وحكمة وتدبير حيث شُبِّهت أطوار نموه بأطوار نمو الزرع، وهي مراحل طبيعية لا ارتجال فيها ولا مخالفة لسُنَن النشوء والارتقاء.

ثم كان هذا الزرع لقوته وحُسن روائه باعثاً على حالتين: إعجاب الزُرَّاع به، ثم غيظه الكافرين.

" إنه زرع من نوع خاص ينمو ولا يذبل. . يقوى ولا يضعف. . وهكذا كان محمد - صلى الله عليه وسلم - وصحبه ".

ووجه الشبه شيء يبدو صغيراً ثم ينمو ويقوى ويكتمل فيعجب الأحباء.

ويغيظ الأعداء.

ومن ذلك: (لِلْفُقَرَاءِ الَّذِينَ أُحْصِرُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ لَا يَسْتَطِيعُونَ ضَرْبًا فِي الْأَرْضِ يَحْسَبُهُمُ الْجَاهِلُ أَغْنِيَاءَ مِنَ التَّعَفُّفِ تَعْرِفُهُمْ بِسِيمَاهُمْ لَا يَسْأَلُونَ النَّاسَ إِلْحَافًا وَمَا تُنْفِقُوا مِنْ خَيْرٍ فَإِنَّ اللَّهَ بِهِ عَلِيمٌ (٢٧٣) .

<<  <  ج: ص:  >  >>