للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقد يُبدَّل من هذا التشبيه تشبيه آخر منكر فيه تخصيص لعموم إفادة الأول

وذلك كقوله تعالى: (أَمْ حَسِبَ الَّذِينَ اجْتَرَحُوا السَّيِّئَاتِ أَنْ نَجْعَلَهُمْ كَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ سَوَاءً مَحْيَاهُمْ وَمَمَاتُهُمْ سَاءَ مَا يَحْكُمُونَ (٢١) .

ويمكن أن يدمج هذا الملحظ إلى ما أسميناه بغنى جملة التشبيه في القرآن

الكريم.

* *

[* نوع فريد من التشبيه في القرآن:]

عاشراً - وفي التشبيه القرآني نهج فريد لم يُعهد في سواه ذلك أن الناظر

فى تشبيهات القرآن يرى أداة التشبيه تأتي عقب جمل من الكلام لها معنى قد

أدئه. فتدخل أداة التشبيه على اسم إشارة مشار به إلى مجموع تلك الجمل

باعتبار المعاني التي أدَّتها فيكون اسم الإشارة مشبَّهاً به ملحوظاً فيه معاني

تلك الجمل، ويأتي بعد ذلك المشبه مؤخراً اسماً أو فعلاً.

والمعهود أن المشبه رتبته التقديم على المشبَّه به وعلى الأداة.

ومن ذلك قوله تعالى بعد ذكر قصة أصحاب الجنة وقد فصَّل القرآن الحديث فيها: (كَذَلِكَ الْعَذَابُ وَلَعَذَابُ الْآخِرَةِ أَكْبَرُ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ (٣٣) .

فالمشبه العذاب - وهو هنا - اسم وقد أُخرَ على المشبَّه به والأداة لفظاً لأن

رتبته التقديم إذ هو مبتدأ. و " الكاف " وما دخلت عليه خبره.

والمعنى: " العذاب كذلك "، ولعل السر في التقديم هنا لأن المشبَّه به لم يستقل بالمعنى لأنه مشار به إلى معاني الجمل التي سبقته. فقُدم لتقدمها.

<<  <  ج: ص:  >  >>