للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

هذا الشأن يصوره القرآن في عبارات وجيزة ذات براعة في التصوير، وقوة فى التأثير:

(إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا سَوَاءٌ عَلَيْهِمْ أَأَنْذَرْتَهُمْ أَمْ لَمْ تُنْذِرْهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ (٦) خَتَمَ اللَّهُ عَلَى قُلُوبِهِمْ وَعَلَى سَمْعِهِمْ وَعَلَى أَبْصَارِهِمْ غِشَاوَةٌ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ (٧) .

فقد جاءَ الحكم مؤكداً ب " إن "، وآثر التعبير عنهم بالوصول ليمكن وصفهم بالذي استحقوا عليه العقاب في الصلة.

كما أن اسمية الجملة مفيدة أيضاً للتأكيد. وعبَّر عن الإنذار بالفعل ليفيد فائدة لم يكن لتحصل لو عبَّر عنها بالاسم. لأن الأصل: سواء عليهم إنذارك وعدم إنذارك. أو إنذارك وعدم إنذارك سواء عليهم.

* *

[* لماذا يستخدم القرآن المصدر المؤول.]

والجواب: إن المصدر المؤول أو الفعل يتيح صلاحية الكلام لإفادة اعتبارات

من شأنها أن تقوى المعنى أو تجعله أنسب المقام.

ومن ذلك قوله تعالى: (أوَلمْ يَكْفهمْ أنا أنزَلنا) ، والتقدير: أو لم يكفهم إنزالنا وقد رأينا أن المصدر المؤول جعل الكلام صالحاً لدخول حرف التوكيد على الجملة.

كما أن اعتبار التجدد والحدوث المستفاد من الفعل هنا مطلوب.

وقال في سورة البقرة: (وَأن تَصُومُوا خَيْرٌ لكُمْ) .

بدل: " صيامكم ". لأن الاستقبال مع التجدد والحدوث داخل في الاعتبار هنا: إذ المقام مقام بيان حكم شرعي إنما يطاع ويمتثل بعد ثبوت التشريع.

وقال في سورة يوسف: (ثُمَّ بَدَا لَهُمْ مِنْ بَعْدِ مَا رَأَوُا الْآيَاتِ لَيَسْجُنُنَّهُ حَتَّى حِينٍ (٣٥) .

فإن الذوق يحكم بأن فاعل " بداَ " هنا. هو المصدر المتصيَّد من الفعل وتقديره: بدا لهم سجنه. وإنما وضع الفعل: " ليسجننه " بدله لأنه

<<  <  ج: ص:  >  >>