للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بالجسم. يضعف بضعفه ويقوى بقوته، فإذا سلم المعنى واختل بعض اللفظ كان نقصاً في الشعر، وهجنة عليه. كما يعرض لبعض الأقسام من العرج والشلل والعور، وما أشبه ذلك من غير أن تذهب الروح، كذلك إذا ضعف المعنى واختل بعضه كان للفظ من ذلك أوفر حظ، كالذي يعرض للأجسام من المرض بمرض الروح. ولا نجد معنى يختل إلا من جهة اللفظ، وجريه فيه على غير

الواجب قياساً على ما قدمت من أدواء الجسوم والأرواح. فإن اختل المعنى

كله وفسد بقى اللفظ مواتا لا فائدة فيه وإن كان حسن الطلاوة في السمع.

كما أن الميت لم ينقص من شخصه شيء في رأي العين، إلا أنه لا ينتفع به.

ولا يفيد فائدة، وكذلك إن اختل اللفظ جملة وتلاشى لا نجد له معنى لأنا لا

نجد روحاً في غير جسم ألبتَّة ".

فابن رشيق - وإن بدا أنه يسوى بين اللفظ والمعنى - فإنه يقدم المعنى على

اللفظ ما دام المعنى روحاً والجسم هو اللفظ. . .

وكذلك يرى ابن الأثير: " اعلم أن العرب كما كانت تعنى بالألفاظ

فتصلحها وتهذبها فإن المعاني أقوى عندها وأكرم عليها وأشرف قدرا فى

نفوسها. فأول ذلك عنايتها بالألفاظ لأنها كانت عنوان معانيها. وطريقا إلى

إظهار أغراضها، أصلحوها وزينوها وبالغوا في تحسينها ليكون ذلك أوقع فى

النفس. وأذهب بها في الدلالة على القصد، فإذا رأيت العرب قد أصلحوا

ألفاظهم وحسنوها. ورققوا حواشيها وصقلوا أطرافها فلا تظن أن العناية إذ

ذاك بالألفاظ فقط. بل هي خدمة منهم للمعاني. ونظير ذلك إبراز الصور

الحسناء في الحلل الموشية. والأثواب الحبرة، فإنَّا قد نجد من المعاني الفاخرة

ما يشوِّه من حسنه بذاذة لفظه وسوء العبارة عنه ".

<<  <  ج: ص:  >  >>