للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

صور القرآن هذه الحالة بما فيها من طرفين متقابلين بصورة البيع والشراء،

فالمجاهد بائع نفسه وماله لله. والله مشتر تلك النفس الطاهرة وذلك المال المزكى.

المؤمن المجاهد يقدم نفسه وماله عروضاً مبيعة. والله ينعم بالرضوان والجنة ثمناً

مبذولاً.

وهذه عملية رابحة. . فالنفس لا شك ميتة. والمال زائل أو مُفارَق.

أما الجنة فلا تُنال إلا لمن عمل لها كالمجاهدين.

فالتعبير يحتمل المجاز المركب.

وهو فيه أظهر، كما يحتمل الإفراد،

وفي إسناد الشراء إلى الله إشعار بضمان الثمن ووفرته.

وقد صرحت بهذا نفس الآية إذ جاء فيها: (وَمَنْ أوْفَى بعَهْده منَ الله) ظ

. . لا أحد.

وإذا أخذنا باعتبار أن المجاز فيها مفرد. ففى " اشترى " استعارة تصريحية

تبعية. وقد مهدت ورشئحت لاستعارة أخرى من جنسها وهي قوله تعالى:

(فَاسْتَبْشرُواْ ببَيْعِكُمُ الذي بَايَعْتُم به) . . . فاكتمل بذلك شطرا الحسن

وإن هاتين الاستعَارتين لتتعانقان. فماَ دَام الله مشترياً لنفس ومال المجاهدين.

فهم - إذن - بائعون. فليستبشروا ببيعهم هذا. . ومَن أوفى بعهده من الله؟

وتلك بقية المواضع: (أُولَئِكَ الَّذِينَ اشْتَرَوُا الضَّلَالَةَ بِالْهُدَى) .

(أُولَئِكَ الَّذِينَ اشْتَرَوا الحَيَاةَ الدُنْيَا بِالآخِرَة) .

(بئْسَمَا اشْتَرَوا به أنفُسَهُمْ أن يَكْفُرُواْ بِمَا أَنزلَ اللهُ بَغْياً) .

(وَلقَدْ عَلِمُواْ لمَنَ اشْتَرَاهُ مَا لهُ فِى الآخِرَةِ مِنْ خَلاقٍ) .

والموضع الثالث هو الموضع الذي لم تخل فيه المادة من تاء الافتعال.

ودلت مع ذلك على البيع دون الشراء

مخالفة بذلك سنن أخواتها حسبما ذكرنا آنفاً.

<<  <  ج: ص:  >  >>