للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ويميل إليه العلامة أبو السعود فيقول: " وفي هذا النظم الكريم من المبالغة

والبلاغة بتنزيل الغضب الحامل له على ما صدر عنه من الفعل والقول منزل

الآمر بذلك المغري، ثم استعير التركيب الدال على المشبَّه به للمشبه وفى

التعبير عن سكونه بالسكوت ما لا يخفى ".

ويذهب الإمام النسفي مذهبهما فيقول موجزاً: ولما كان الغضب لشدته كأنه

هو الآمر لموسى بما فعل قيل: (وَلمَا سَكَتَ عَن مُوسَى الغَضَبُ) .

٣ - أن تكون استعارة تمثيلية بأن تشبه الهيئة الناشئة عن الغضب بهيئة

إغراء مغر. فإذا انقطع عنه الإغراء سكن المغري ثم استعير التركيب الدال على المشبَّه به وهو " سكت " للمشبه.

هذه توجيهات ثلاثة لتحديد نوع المجاز في الآية.

والواقع أن روعة التعبير فيها لا تتوقف على معرفة ما هو نوع مجازها. والذي أميل إليه ما اختاره المفسرون من حمل المجاز على الاستعارة المكنية لأن الغرض وصف الغضب بأنه كان حاداً قد بلغ مداه من نفس موسى عليه السلام، حتى أصبح هو الذي يقول ويفعل، وهذا لا يتأتي على أكمل وجه إلا في الاستعارة المكنية.

وبهذا يبدو ذوق المفسرين وكونهم أقرب إلى طببعة الأسلوب القرآني وجزالته.

وفي قوله تعالى: (وَفى نُسْخَتهَا هُدىً وَرَحْمَةٌ) مجاز مرسل علاقته

اعتبار ما سيكون لأن الوصاَيا التي فيها إذا تمسك به قوم موسى هدتهم إلى

الحق. وجعلتهم أهلاً لأن يرحمهم الله.

والقرينة اعتبار أن يكون الهدى والرحمة ملتبسين بالنسخة تلبساً حقيقياً وقائمين بها.

أو العلاقة اللزومية. . لأن مَن يتمسك بتلك الوصايا لزم أن يكون مهتدياً

مرحوماً.

* *

<<  <  ج: ص:  >  >>