للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والمماثلة بين المقيس والمقيس عليه من جميع الوجوه غير واجبة لصحة القياس، بل الواجب المماثلة في علة الحكم فقط.

ومعنى القاعدة: أن الحكم الشرعي إذا كان ثابتاً بنص القرآن أو السنة أو

الإجماع، ووارداً معدولاً به عن سنن القياس، لا يجوز أن يقاس عليه غيره، بأن يثبت مثل ذلك الحكم للغير لعلة جامعة بينهما، وذلك لوجود اعتبارات تشريعية خاصة بها، فغير هذه الأحكام لا يقاس عليها، لأنها وردت على خلاف القواعد العامة الثابتة في الشريعة.

التطبيقات

قد ثبت على خلاف القياس أحكام شرعية كثيرة، تفوق الحصر، فيقتصر فيها على مورد النص، ولا يقاس عليها غيرها، منها:

١ - شهادة خزيمة: فقد قبلها الرسول عليه الصلاة والسلام من خريمة وحده، مع أن نصاب الشهادة اثنان، وقد روى أبو داود أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - اشترى ناقة منأعرابب، وقال: هَلُم شهيداً، فقال: من يشهد لي، ولم يحضرني أحد، فقال خريمة: أنا أشهد، يا رسول الله أنك أوفيت، فقال - صلى الله عليه وسلم -: كيف تشهد لي، ولم تحضرتي؟ فقال: يا رسول الله، إنا نصدقك فيما تأتينا به من خبر السماء، أفلا نصدقك فيما تخبر به من ثمن الناقة، فقال عليه الصلاة والسلام:

"من شهد له خزيمة فهو حسبه ".

فلا تقبل شهادة مسلم واحد بمفرده، ولو كان مثل خريمة أو أفضل منه.

(الدعاس ص ٥٦) .

٢ - كفارة الأعرابي: في الإفطار التي رواها الستة إلا النسائي، وخلاصتها أن أعرابياً واقع أهله في رمضان، فأتى النبي - صلى الله عليه وسلم -، فعرض عليه عتق رقبة، فأظهر العجز، ثم عرض عليه صيام ستين يوماً، فأظهر العجز، فأعطاه النبي - صلى الله عليه وسلم - تمراً

يتصدق به، فقال الأعرابي:

"ما بين لابتيها أهل بيت أفقر منا".

فقال له: "أطعمه أهلك"

<<  <  ج: ص:  >  >>