للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وكذا بصدور شيء من موجبات الكفر عنه، وأما الذي ذكرنا فذهب الشيخ الأشعري وأكثر الأصحاب إلى أنه ليس بكافر، وبه يشعر ما قال الشافعي رحمه الله تعالى عليه: "لا أرد شهادة أهل الأهواء إلا الخطابية، لاستحلالهم الكذب". وفي "المنتقى" عن أبي حنيفة رحمه الله تعالى تعالى عليه: "أنه لم يكفر أحداً من أهل القبلة". وعليه أكثر الفقهاء. ومن اصحابنا من قال بكفر المخالفين.

أعلم أن المراد بأهل القبلة: الذين اتفقوا على ما هو من ضروريات الدين. كحدوث العالم، وحشر الأجساد، وعلم الله تعالى بالكليات والجزيئات، وما أشبه ذلك من المسائل المهات، فمن واظب طول عمره على الطاعات والعبادات مع اعتقاد قد العالم ونفي الحشر أو نفي علمه سبحانه بالحزئيات لا يكون من أهل القبلة، وإن المراد بعدم تكفير أحد من أهل القبلة عند أهل السنة: أنه لا يكفر ما لم يوجد شيء من إمارات الكفر وعلاماته، ولم يصدر عنه شيء من موجباته.

إن غلا فيه - أي في هواه - حتى وجب إكفاره به لا يعتبر خلافه ووفاقه أيضاً، لعدم دخوله في مسمى الأمة المشهود لها بالعصمة وإن صلى إلى القبلة واعتقد نفسه مسلماً، لأن الأمة ليست عبارة عن المصلين إلى القبلة، بل عن المؤمنين، وهو كافر وإن كان لا يدري أنه كافر.

<<  <   >  >>