للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

ويحل الإياس قلبك، وينقطع من الله عز وجل رجاؤك وأملك، فيلزم حينئذ غاية الهمِّ والحزن أو الفرح والسرور قلبَك، حين انقضتْ من الدنيا مدتك، وانقطع منها أثرُك، وحُملتَ إلى دار من سلف من الأمم قبلك.

فتوهم نفسك حين استطار قلبك فرحاً وسروراً، أو مُلئ حزناً وعَبرة، بفترة القبر وهول مطلعه، وروعة الملكين وسؤالهما فيه عن إيمانك بربك، فمثبت من الله جل ثناؤه بالقول الثابت أو متحيِّر شاكٌّ مخذول.

فتوهم أصواتهما حين يناديانك لتجلس لسؤالهما إياك ليوقفاك على مسائلتهما، فتوهم جلستك في ضيق لحدك، وقد سقطت أكفانك على حقويك (١) ، والقطنة من عينيك عند قدميك (٢) .

فتوهم ذلك ثم شخوصك ببصرك إلى صورتهما وعظم أجسامهما، فإن رأيتَهما بحسن الصورة أيقن قلبك بالفوز والنجاة، وإن رأيتَهما بقبح الصورة أيقن قلبك بالهلاك والعطب.

فتوهم أصواتهما وكلامهما بنغماتهما وسؤالهما، ثم هو تثبيت الله إياك إن ثبَّتك، أو تحييره (٣) إن خذلك.


(١) الحَقو وهو موضع شد الإزَار.
(٢) {يثبت الله الذين آمنوا بالقول الثابت في الحياة الدنيا وفي الآخرة ويضل الله الظالمين ويفعل الله ما يشاء} . سورة إبراهيم / ٢٧.
(٣) هكذا صوب الكلمة (أ) ، وكانت في الأصل عنده [تحيره] .

<<  <   >  >>