للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الْقُرُونَ} وكأنه بَعدَ نُزول التَّوراة ما أُهْلِك أَحَدٌ مِنَ القُرون، وهذا الاستنباط ليس ببعيد؛ لأن الواقع يُصَدِّقُه.

الْفَائِدَةُ الثَّانِيَةُ: أنَّ الكُتب النازلة مِنَ السَّمَاء أنَّها أنوارٌ للنَّاسِ يَهتَدونَ بهَا؛ لقوله: {بَصَائِرَ لِلنَّاسِ}.

الْفَائِدَةُ الثَّالِثَةُ: أن التمسُّك بشرائع اللَّه تَكُون به الرَّحْمة؛ لقوله تعالى: {وَهُدًى وَرَحْمَةً}.

الْفَائِدَةُ الرَّابِعَةُ: أن الكُتب النازلة مِنَ السَّمَاء هيَ الَّتي بهَا الهدى مِنَ الضَّلَال؛ لقوله: {وَهُدًى}.

الْفَائِدَةُ الخَامِسَةُ: أَنَّ الحِكمَةَ مِن إنزال هَذِهِ الكتب تذكِّر الناس بمَا فيهَا مِن المواعظ؛ لقوله: {لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ}.

الْفَائِدَةُ السَّادِسَةُ: إثبات الحكمَة في أَفعَال اللَّه سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى، وَكَذَلكَ في شَرَائعه؛ لأن (لَعَلَّ) معناها: التَّعلِيل، والذي أنكر الحِكمة هُم الجهمية، حيث يقولون: إِنَّ اللَّه تعالى لَيسَت لَهُ حِكمة فيمَا يَفعَل وما يشاء، وإنما هو لمجرد مشيئة.

قوله تعالى: {آتَيْنَا} بمعنى: أعطينا.

واعلَم أَنَّ إيتاءَ اللَّه سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى ينقسم إلى قسمين:

إيتاءٌ شرعي: وَهُوَ مَا تعلَّق بالشرع، قَالَ تعالى: {وَلَوْ أَنَّهُمْ رَضُوا مَا آتَاهُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ} [التوبة: ٥٩]، فهذا إيتاءٌ شرعيٌّ، والمراد به: الصدقات.

وإيتاءٌ قَدَري: وهو ما تَعَلَّق بالكونِ والخَلق، قَالَ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى: {آتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ}، فهذا إتيانٌ قَدَرِيٌّ؛ لأن إنزال القُرْآن مِن الأُمور الَّتي تتعلق بمشيئة اللَّه،

<<  <   >  >>