للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وهَلِ المودَّةُ في أوَّلِ الحياةِ الزَّوجِيَّةِ والرَّحمَةُ بعْدَ الأوْلادِ؟

هَذَا خِلافُ الظَّاهِر؛ لأَنَّ الظّاهِرَ أنَّ المودَةَّ والرّحمَةَ مُقتَرِنَانِ.

وهَلْ يُتبادَلانِ بَعْد العَقْدِ أوْ بعْدَ الاتِّصالِ أوْ بعْدَ المعامَلَةِ؟

الجوابُ: هَذا يَرْجعُ إِلَى ما يَجْرِي بيْنَ الزَّوْجَيْنِ، أمَّا المودَّةُ فالظَّاهِرُ أنَّها تكُونُ مِنْ قبْلُ، مِنْ حِين أنْ يَخْطُبَ المَرْأَةَ وتُوافِقَ، لا تنْشَأُ هَذِهِ الخطْبَةُ والموافَقَةُ إِلَّا عنْ مودَّةٍ، لكنَّها تنْمُو وتَزِيدُ بحسَبِ الاتِّصالِ.

من فوائد الآية الكريمة:

الفائِدَةُ الأولَى: : الفائِدَةُ الأولَى: رحْمَةُ الله تبَاركَ وَتَعَالى بِنا حيْثُ جعَل أزْوَاجَنا مِنْ أنْفُسِنا، أيْ مِنْ جِنْسِنا، فَفِيها نعْمَةُ الله عَزَّ وجَلَّ لكَوْنِ الأزْوَاجِ مِنَ الأنفُسِ، أيْ مِنَ الجِنْس ليتَحَقَّق بِذَلِك أغراضُ النكّاحِ ومقاصِدُه.

الفائِدَةُ الثَّانيَةُ: أنَّ مِن أهَمِّ أغْرَاضِ النِّكاح ومقاصِدِه السُّكُونَ إِلَى الزّوجَةِ، والاطْمِئْنانَ إلَيْها والحياةَ مَعها حيَاةً سَعِيدَة، فالحِكْمَةُ مِن الزَّوجيَّةِ هِي السُّكونُ، أيْ سُكُونُ أحدِ الزَّوْجَيْنِ إِلَى الآخَرِ، ويتفرَّعُ عَلَى ذَلِك أنَّه لَوْ حَصَلَ التَّنافُرُ فإِنَّ مِن الحِكْمَةِ التَّفريقَ بَيْنَهُما؛ لقوْلِه تَعالَى: {لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا}، فإِذا فاتَتْ هَذهِ الحكْمَةُ فإِنَّهُ لا زَواجَ؛ ولِهَذا لما فاتَتِ الحكْمَةُ بيْنَ ثابِتِ بْن قيْسٍ وزوجَتِه قالَ الرّسولُ - صلى الله عليه وسلم -: "خُذِ الحَدِيقَةَ وَطَلِّقْهَا" (١)، وكيْفَ يُمْكِنُ أنْ تسْتَمِرَّ الزَّوجِيَّةُ بينَ زوجَيْنِ يتباغَضَان ويتنَافرانِ وكُلُّ واحدٍ منْهُما يُحبُّ أنْ يَرى المَوْتَ ولَا يَرَى صاحِبَه؟ ! فالإِنْسَانُ إِذا رأَى عدَم السُّكونِ ولَمْ تلْتَئِمِ الحالُ يَنْبَغِي لهُ أنْ يُفارِقَ، ولِهَذا قالَ أهْلُ العِلْمِ إِنَّ


(١) أخرجه البخاري: كتاب الطلاق، باب الخلع وكيف الطلاق فيه، رقم (٥٢٧٣).

<<  <   >  >>