للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الوصل فقط بخلاف الأب والأم، فـ {حَقَّهُ} هُنَا مُجْمَلٌ ولَكِنَّهُ مُبيَّنٌ بنصوصٍ أُخْرَى من القرآنِ، والسُّنةِ وَهُوَ أن حقَّ الأبوين البرُّ، وحقَّ غيرهِما الصِّلةُ فيمكنُ أنْ يكُونَ قولُ المُفَسِّر رَحَمَهُ الله من البر والصّلةِ عَلَى سبيلِ التّوزيعِ من البر بالأبوين والصّلة بغيرهما من ذوي الأرحامِ.

وقوْله تَعالَى: {ذَا الْقُرْبَى} يَعُمُّ كلَّ قريبٍ ولو كَانَ كافرًا لأَنَّ العِلَّةَ القرابةُ ليست الإسْلامَ، لو قَالَ آتِ المُؤْمِنَ حقَّه قلنا العلةُ الإيمانُ فيختصُّ الحكمُ به.

قوْله تَعالَى: {وَالْمِسْكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ} المِسْكِينُ هُوَ الفقيرُ وهنا أُطْلِقَ المِسْكِينُ والمُرَادُ بِهِ الفَقِيرُ والمِسْكِينُ فِي آيه الصَّدقةِ، وقد مر أنَّ المِسْكِينَ إِذَا أُطْلِقَ يشملُ الفَقِيرَ، والفَقِيرَ إِذَا أُطْلِقَ يشملُ المِسْكِينَ، وَإِذَا قُرِنَا جَمِيعًا افترقَا، المِسْكِينُ له حقٌّ، مَا حقُّه؟ حقُّه دَفْعُ حاجتِه لأنَّهُ فقيرٌ, قَالَ أهل العِلْم: وإطعامُ الجائعِ وكِسْوَةُ العَاري فَرْضُ كفايةٍ إِذَا قَامَ بِهَا مَنْ يكفي سقطَ عَنِ الباقِينَ.

قوْله تَعالَى: {وَابْنَ السَّبِيلِ}؛ قَالَ المُفَسِّر رَحَمَهُ اللهُ: [المُسَافِرُ مِنَ الصَّدَقَةِ وَأُمَّةُ النَبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - تبَع لَهُ فِي ذَلِكَ]، وسُمِّيَ ابن سَبِيل لِمُلازمتِه لَهُ، والسّبيلُ الطّريقُ، وكل مَنْ لازمَ شَيْئًا يُسمى ابنًا لَهُ، قَالُوا كما يُقَال ابن الماءِ لطيره، طَيْرُ الماء يُسَمَّى ابنَ الماءِ، ويُقَال للرجل الَّذي يُكْثِرُ السَّفر فِي الليل ابن الليالي وما أشبهَ ذلك، فالابنُ لكل مَنْ لازمَ الشّيء، وقول المُفَسِّر رَحَمَهُ الله: [من الصّدقة]، هَذَا تفسير لحق المِسْكِين وابن السّبيل، وقيل المُرَادُ بابن السّبيل الضّيفُ لأَنَّهُ عابرُ سبيلٍ، ولكن الصّحيح أنه المسافر ويشمل الضّيف لأَنَّ الضّيف مسافر.

وقول المُفَسِّر رَحَمَهُ اللهُ: [وأمة النَّبيّ - صلى الله عليه وسلم - تبع لَهُ فِي ذلك] أفادنا المُفَسِّر رَحَمَهُ الله بهذه الجملة أنَّ الخطابَ فِي قوْله تَعالَى: {فَآتِ} موجَّه للرسول - صلى الله عليه وسلم - شخصيًا والأمة

<<  <   >  >>