للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

والمدينة، فهدمها، وقيل وقتل شياطينها امرأةً ناشزةً شعرها، وقطع نخلتها، وكانت طويلة شاهقة، فكانوا يعبدونها (١) .

وبعثهُ إلى بني جذيمة، فلم يُحسنوا يقولوا أسلمنا، فجعلوا يقولون: صبأنا صبأنا، فحسب أنهم يستهزئون بالإسلام، فقتلهم، فوادهُم رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - / وقال: (اللهم إني أبرأُ إليك مما صنع خالدٌ) ، ومع هذا فلم يعزلهُ، وإن كان قد أخطأ خالدٌ في الاجتهاد (٢) .

وقد استمر بهِ الخليفة الصديق أميراً مُقدماً في أهل الردَّة، حتى ردهم عن غيهم آخذاً منهم ما كانوا يمنعونهُ من الزكوات، ثم أرسلهُ إلى مسيلمة، وبني حنيفة، فهزمهم، وردهم عن كفرهم، وقتل الكذاب المتنبئ مُسيلمة - لعنه الله - وأوقع فيمن هُنالك من الأحياء المخالفة للحق بأساً شديداً، وقتلاً ذريعاً، ثم مازال وما انفك وما برح حتى تمهدت جزيرة العرب بعدما كان قد أشرف أكثرهم على العطب، فقوَّم بسنانه وحُسامهِ ما اعوجَّ من أقوالهم وأفعالهم هدى الله على يديه بما تلاه عليهم من الآيات البينات والحجج الوافيات المحمدية النبوية قلوبهم، وستر عيوبهم، ثم بعثهُ الصديق إلى العراق لقتال كسرى وجنوده وجيوشه ومرازبته، ففتح في أقصر مدةٍ إلى الأنبار، وأرغم أُنوف من هُنالك من الكفار، وتبارز هو وهرمز أكبر نواب كسرى، فما كان بأسرع من قتله، وانقض إلى الأرض، ونزل عن فرسه، فجعلهُ تحت يده اليُسرى فأوقعه وهو يختلج، واستدعى بغذائِهِ، فأكل والجيوش واقفة متصافةٌ على حالها الحسن، المجوسُ مائة ألفٍ والمسلمون خمسة آلافٍ، ثم نهض وركب


(١) الطبقات الكبرى لابن سعد: ٢/١٠٥.
(٢) صحيح البخاري، كتاب المغازي: باب بعث النبي - صلى الله عليه وسلم - خالد بن الوليد إلى بني جذيمة: ٨/٥٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>