للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

٦أن لله عزّ وجل أن يحرم على نفسه ما شاء لأن الحكم إليه، فنحن لا نستطيع أن نحرم على الله لكن الله يحرم على نفسه ما شاء، كما أنه يوجب علىنفسه ما شاء. اقرأ قول الله تعالى: (قُلْ لِمَنْ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ قُلْ لِلَّهِ كَتَبَ عَلَى نَفْسِهِ الرَّحْمَةَ) (الأنعام: الآية١٢) وكتب عزّ وجل عنده: "إِنَّ رَحْمَتِي سَبَقَتْ غَضَبِي" (١) .

فلو سألنا سائل: هل يحرم على الله شيء، وهل يجب على الله شيء؟

فالجواب: أما إذا كان هو الذي أوجب على نفسه أو حرم فنعم، لأن له أن يحكم بما شاء. وأما أن نحرم بعقولنا على الله كذا وكذا، أو أن نوجب بعقولنا على الله كذا وكذا فلا، فالعقل لايوجب ولايحرم، وإنما التحريم والإيجاب إلى الله عزّ وجل.

قال ابن القيم - رحمه الله - في النونية:

ما للعباد عليه حقٌّ واجبٌ ... هو أوجبَ الأجرَ العظيم الشانِ

كلاَّ ولا عملٌ لديه ضائع ... ٌ ... إن كانَ بالإخلاصِ والإحسانِ

والإحسان يعني المتابعة.

. ٧إطلاق النفس على الذات لقوله: "عَلَى نَفْسِيْ" والمراد بنفسه ذاته عزّ وجل، كما قال تعالى: (وَيُحَذِّرُكُمُ اللَّهُ نَفْسَهُ) (آل عمران: الآية٢٨) وليس النفس صفة كسائر الصفات: كالسمع والعلم والقدرة، فالنفس يعني الذات، فقوله: (وَيُحَذِّرُكُمُ اللَّهُ نَفْسَهُ) يعني ذاته، وقوله هنا: "عَلَى نَفْسِي" يعني على ذاتي، وكلمة النفس أصوب من كلمة ذات لكن شاع بين الناس إطلاق الذات دون إطلاق النفس، ولكن الأصل العربي: النفس.

. ٨أن الله تعالى حرّم الظلم بيننا فقال: "وَجَعَلتُهُ بَينَكُمْ مُحَرَّمَاً" وهذا يشمل ظلم


(١) أخرجه البخاري- كتاب: التوحيد، باب، (٧٤٢٢) . ومسلم- كتاب: التوبة، باب: في سعة رحمة الله تعالى وأنها سبقت غضبه، (٢٧١٥) ، (١٤) .

<<  <   >  >>