للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

لا يزيد على ذلك أما إن نسخ الأمر بالتحريم ثبت التحريم قطعاً، أو قال رفعت جملة ما دل عليه الأمر السابق من جواز وغيره، فإنه لا يستدل به على الجواز، والمدرك في هذه المسألة مبني على حرفين: أحدهما أن الدال على المركب دال على أجزائه والوجوب مركب من جواز الإقدام والمنع من الترك، فإذا ارتفع أحد الجزأين بقي الآخر، وثانيهما: أن الخصوص في الشيء قد يكون شرطاً كالطلاق المعلق فإنه أخص من مطلق الطلاق، ويلزم من انتفاء الخصوص الذي هو الشرط أن لا يثبت مطلق الطلاق لازماً للمعلق، لأن الخصوص هنا

شرط، وقد لا يكون شرطاً كالناطق مع الحيوان، لا يلزم من انتفاء الناطق انتفاء الحيوان، فمن قال بالمعنى الأولى قال إنه يدل على الجواز، ومن لاحظ الثاني قال الخصوص قد يكون شرطاً وقد لا يكون، فإذا حصل الشك توقفنا.

ويجوز أن يرد خبراً لا طلب فيه، كقوله تعالى «قل من كان في الضلالة فليمدد له الرحمن مدا» (١) أو أن يرد الخبر بمعناه كقوله تعالى «والوالدات يرضعن أولادهن حولين كاملين» (٢) وهو كثير.

فائدة: ورود الخبر بلفظ الأمر أن الأمر شأنه أن يكون مما فيه داعية للمر، والخبر ليس كذلك، فإذا عبر بلفظ الأمر أشعر بالداعية فيكون ثبوت صدقه أقرب.

وفائدة التعبير عن الأمر بلفظ الخبر: أن الخبر يستلزم ثبوت مخبره وقوعه، بخلاف الأمر، فإن عبر عن الأمر بلفظ الخبر كان آكد في اقتضاء الوقوع حتى كأنه واقع، ولذلك اختير للدعاء لفظ الخبر تفاؤلاً بالوقوع.


(١) ٧٥ مريم.
(٢) ٢٣٣ البقرة.

<<  <   >  >>